المسؤولية والاحساس بقيمة الواجب والشجاعة
د.بكر خازر المجالي
25-11-2014 02:43 AM
خلال الفترة القليلة السابقة قرأنا وتابعنا ثلاثة احداث ابطالها افراد من قواتنا المسلحة الاردنية جيشنا العربي والثالث من مرتبات الدفاع المدني العام.
الاحداث بحد ذاتها تعطي مدلولا رائعا على قيم الجندية الاردنية والتقاليد العسكرية الاصيلة التي تربت على امانة المسؤلية من منطلق الوازع الديني الصحيح الذي ينعكس سلوكا في المعاملة مع الاخرين بطيب وحسن.
جميعنا نتوجه الى الرقيب الاول يوسف ابو هزيم الذي اعاد حوالي 12 الف دينار الى صاحبها وقد ترفعت نفسه واحجم عن كل الشهوات وهو يتمثل الجندية الاردنية وصورة العسكري الملتزم بواجبه ، وايضا ذلك الجندي الشاب عصام محمود حمد الحراحشة الذي رفض رشوة لتمرير تهريب ما وهو يدرك انه العين الساهرة التي لا يغمض لها جفن لحماية الحدود من شر المهربين للسلاح والسموم القاتلة وغيرها ،فهو درع المجتمع والحارس الامين الذي ينظر الى ان يده من ذهب واغلى من كل شيء من متاع الدنيا الذي هو رخيص وزائف .
هذه النماذج التي كان لمبادرة رئيس هيئة الاركان المشتركة الفريق الاول مشعل محمد الزبن بتكريمهم وترفيعهم استثنائيا اثرا ليس في نفوس هؤلاء الابطال الشرفاء بل في كل المجتمع الاردني الذي يرى ان هذا هو الانصاف والحافز وان تكريمهم هو تكريم لكل المجتمع الذي يسعد لمثل هذه الاخبار ويرى صورة الاعتزاز والفخار بالجيش العربي الاردني الذي دائما هو الجيش العربي الهاشمي صاحب التاريخ العريق والدور الرائد عربيا وعالميا في خدمة القضايا العادلة وخدمة الانسانية.
الامانة والشجاعة سلوك عسكري بامتياز يدرك الجندي من خلالها خطورة المسؤلية التي يضطلع بها وان كل جندي هو باب حصين يحافظ عليه ولا يسمح باختراقه ويدرك الجندي اساليب الاشرار الملتوية في محاولات الاغواء وغيرها.
وحادث ثالث حين اقتحم الجندي حمزة مدالله المجالي من دفاع مدني العقبة النيران ووصل الى طفل محاصر هناك وانقذه وهو يفكر في حياة طفل بريء غير ابه بحياته هو ، فهو الجندي الذي نذر نفسه للخدمة واداء الواجب بكفاءة . وهو قد حظي بتكريم قائده مدير عام الدفاع المدني ، وايضا فانه حظي ايضا بتكريم معنوي من كل ابناء المجتمع الاردني الذي لا يتمنى اي مكروه لاي انسان.
فالرجال الثلاثة الرقيب اول يوسف ابو هزيم والجندي الاول عصام محمود حمد الحراحشة والجندي حمزة مدالله المجالي وكانت قصصهم متقاربة زمنيا في فترة نشهد فيها تراجع في منظومة القيم المجتمعية في المجتمع المدني بشكل عام ، ونعقد الندوات والمؤتمرات للبحث في اسباب التراجع والخلل المجتمعي وتزايد مشاعر التطرف والسخط عند البعض ،ونرى ان هذه القصص الواقعية الصادقة تشكل مصدرا هاما للدراسة والبحث وتقدم نماذج من مجتمعنا الاردني الذي فيه الخير قائم ، وسندرك تماما اهمية التربية العسكرية التي تركز على تنمية الحس بالمسؤلية وادراك قدسية الواجب وبالتالي سنجد مبررا للدعوات المختلفة بضرورة عودة خدمة العلم وربما باسلوب جديد لتعزيز قيم المسؤلية وتربية العقل على التفكير بخطر التحديات ومعرفة حجم التهديدات من حولنا لنكون اكثر يقظة لحماية مجتمعنا من عاديات الشر ولنواجه معا تداعيات انهيار القيم الاجتماعية في ضوء زيادة نسبة الجرائم.
مجتمعنا الاردني مع كل ما يشوبه الى حد ما هو مجتمع اصيل وصاحب قيم عريقة ولديه المؤهلات للتصدي لهذه الظواهر والنظر للمسقبل بعين الرضى والثقة.