تعهد وزير المالية د. أمية طوقان، أمام مجلس النواب، خلال إلقاء خطاب الموازنة العامة أول من أمس، بعدم فرض الحكومة ضرائب جديدة على المواطنين خلال العام 2015.
الوزير استثنى الإجراءات التي اتخذت سابقاً؛ والمتمثلة خصوصاً في فرض ضرائب على بعض السلع الكمالية، ورسوم إضافية على غير الأردنيين، بالإضافة إلى الاستمرار في تطبيق خطة الحكومة لمعالجة أزمة مديونية شركة الكهرباء الوطنية، والتي يقترب عبؤها من 5 مليارات دينار.
وبين الوزير أن موازنة 2015 تمثل نفس سقف أرقام موازنة 2014، والتي تقارب 8.09 مليار دينار، لافتا إلى أن المنح الخارجية قدرت بنحو 1128 مليون دينار.
بشرى عدم زيادة الضرائب خلال العام المقبل، مهمة في أكثر من اتجاه. فهي، من ناحية، تريح الحكومة قليلا من وصفها بـ"حكومة الجباية" التي سعت إلى حل جميع مشاكلها المالية من جيوب الأردنيين. كما أنه توجه يشي بإدراك الحكومة أنه لم يعد بإمكان الأردني تحمل دفع مزيد من الضرائب، بعد أن أنهكته هكذا قرارات خلال العامين الماضيين، مع خطورة الاستمرار في هذا النهج على الاستقرار الاجتماعي والمالي للأسر.
كذلك، يكشف استبعاد الخيار الضريبي عن أن الحكومة بدأت تفكر في أسلوب مختلف لحل المشكلات المالية؛ وفق عقلية تدرك أخطاء الماضي، وتسعى إلى معالجتها من خلال تثبيت حجم النفقات خلال العام 2015، وبما يؤدي إلى تحقيق الهدف الرئيس ذاته المتمثل في تخفيض نسبة عجز الموازنة إلى 2.5 % من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المقبل. أي إن تراجع عجز الموازنة المقدر للعام 2015، إلى أقل من 700 مليون دينار، سيكون بوقف نمو الإنفاق، وليس زيادة الإيرادات.
القصة كما حدثت في العاصمة الأميركية واشنطن، هي أن صندوق النقد الدولي طالب بزيادة الإيرادات بمقدار 500 مليون دينار، خلال العام المقبل، تتأتى بالتأكيد من خلال فرض ضرائب ورسوم جديدة. والهدف هو تجاوز المرحلة الخامسة والسادسة من تقييم "الصندوق" للاقتصاد الأردني.
لكن الفريق الأردني المفاوض رفض، ولأول مرة ربما، الخضوع لذلك المطلب، مقدما في المقابل بديلاً يقي الأردنيين تكرار سياسات الماضي. وتمثَّل الطرح الأردني في التركيز على تخفيض في النفقات بالمقدار المطلوب نفسه، أي بقيمة 500 مليون دينار، مع شرح الخيارات الممكنة لتحقيق ذلك.
بالنتيجة، وافق صندوق النقد الدولي على الحل الأردني، لكنه أقرّ فقط المراجعة الخامسة، وأجّل المراجعة السادسة بانتظار تطبيق متطلبات أخرى تتعلق ببرنامج الأردن للتصحيح الاقتصادي، المتفق عليه مع "الصندوق"، وأبرزها إقرار قانون الضريبة الجديد.
المعطيات الأولية تشير إلى أن إقرار قانون الضريبة ليس أولوية حكومية، إذ ينصب تركيز الحكومة الآن على مشروعي قانوني "الموازنة العامة" و"الوحدات المستقلة"، يليهما "الضريبة" الذي يمكن تأخيره إلى ما بعد إقرار الموازنة. وهو ما يعني، بالتالي، عدم ظهور الأثر المالي لقانون الضريبة الجديد خلال العام المقبل، والمقدر بحوالي 150 مليون دينار، تتوقع الحكومة تعويضها من مخصصات الدعم النقدي الذي لن ينفق جله بسبب تراجع أسعار النفط عالمياً.
نجاح الأردن في المراجعة الأخيرة مع "الصندوق"، جلب إيجابيات أخرى. إذ قررت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني رفع تصنيف المملكة (من وجهة النظر المستقبلية) من سالب إلى مستقر.
التحدي الأكبر الذي ينتظر الحكومة هو الالتزام حرفيا بمضمون الموازنة المقدمة للعام المقبل، وتغيير عقلية الإنفاق، علّنا نمضي بحق في طريق إصلاح الأحوال المالية.
التشكيك شعبياً بكلام وزير المالية يظل موجودا. وعليه، من ثم، دور كبير خلال الفترة المقبلة في أن يثبت للأردنيين أن الحكومة إذا وعدت أوفت، وليس كما جرت العادة.
(الغد)