المملكة الأردنية الهاشمية دولة ديمقراطية ودستورها يضمن حرية التعبير أمام الجميع ويسمح بالرأي والرأي الآخر ، بالمقابل فإن تعكير صفو العلاقات مع دولة شقيقة وتعريض مصالح الأردنيين للخطرلايقبله الأردنيون ولاتجيزه أعرافهم ؛ وإن أي رأي فردي لأي أردني لا يمكن اعتباره مهددا لعلاقات الدولة!.

علاقاتنا مع الأشقاء، وخاصة في دولة الأمارت العربية المتحدة ، ليست خداج ؛ فهي علاقات مؤسسية متينة قائمة على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ، وعليه فهذه العلاقات لايفترض بها أن تتأثر بارآء شخصية من أي من الطرفين ، ولايعقل لدولة حضارية عريقة مثل الإمارات الشقيقة أن تبني موقفا او تتخذ قرارا مبنيا على ردة فعل لتصريح فردي ؛ فرجاحة عقل قيادة هذه الدولة تسمو فوق مثل هذه السخافات التي قد تصدر عن فرد من هنا أوهناك ، وحتى لو كان هذا الفرد قيادي في تيار أو جماعة ، ففي نهاية المطاف ؛ فهو لايمثل الدولة التي يتبع إليها.

وعليه ؛ فإننا نتساءل : هل تسرعت الحكومة قيامها بإعتقال القيادي في الإخوان المسلمين زكي بني ارشيد في أعقاب ما نشره على حسابه على شبكة الإنترنت ممثلا بالفيسبوك من انتقادات لدولة الإمارات العربية المتحدة؟، وهل يضع هذا الاجراء – الذي اتخذته الحكومة الأردنية – الحكومة نفسها في نطاق الإتهام يإزدواجية أو الإنتقائية في مواقفها ؟؛ فالعديد من الأردنيون ينتقدون امريكا و فرنسا و بريطانيا على سبيل المثال، ولكننا لم نسمع عن ان الحكومة الأردنية ألقت القبض على اي من هؤلاء المتنفذين بتهمة تعكير صفو العلاقات مع تلك الدول!.

والتساؤل الآخر : هل أخطأ زكي بن ارشيد في إنتقاده لدولة الإمارات الشقيقة ؟؛ وهل جاء إنتقاده في الوقت غير المناسب ؛ سواء بالنسبة للظروف الخارجية المحيطة بالدولة الأردنية أو في المنطقة بشكل عام أوللظروف الداخلية التي تعصف بالتنظيم السياسي للإخوان المسلمين بشكل عام ؟!

الاخوان المسلمون ، وأنا لست منهم ، ومن غير المعجبين بنهج القيادي المعتقل ، يتعرضون لرفض دولي وتجريم من معظم الدول العربية وغير العربية، وتلك الدول بدورها تمارس العديد من الضغوط على الحكومة الأردنية من أجل تحييد الإخوان المسلمين عن المشهد السياسي، وبل على إعتبارهم تنظيما إرهابيا ، وفي الداخل الاخواني نفسه هناك حرب ضروس تخوضها حمائهم جماعة الإخوان ضد صقورها ؛ الأمر الذي جعل منهم حزبا برأسين لايلتقيان ولن يلتقيا ، وهذا يعني أن واقع التنظيم يتطلب التهدئة وعدم مناكفة الحكومة بالشكل المعتاد!!!، بل وربما إعادة ترتيب البيت الداخلي للإخوان أنفسهم.

والاستراتيجية الأنسب لصقور الاخوان هي الاقتراب والتنسيق مع صقور الحكومة " تفاهم الصقور مع الصقور" ، خاصة أنهم تمتعوا بدعم رسمي أردني على مدار العقود الماضية ووفرت لهم الدولة الأردنية الحماية الكافية؛ وفي الوقت الذي كان يحضر على البعثيين والشيوعيين ممارسة اي نشاط علني، كان الاخوان يتقلدون المناصب الإدارية والوزارية ؛ ويحصل أبناؤهم على المنح الدراسية على نفقة الدولة في الدول الغربية التي يحاربونها ، وقاموا ببناء امبراطوريات مالية واقتصادية لتوظيف ابنائهم ومحاسيبهم ؛ حتى غدت تعاني من الفساد اضعاف ماتعانية مؤسسات الدولة الرسمية!!!.

ونخلص إلى القول : ربما تكون الحكومة تسرعت في خطواتها المتمثلة في إعتقال القيادي الإخواني ،فمثل هذه الإجراءات من شأنها صناعة أبطال شعبيين ؛ طالما عانى الوطن من بطولاتهم الهلامية ، إضافة إلى إضعاف جناح الحمائم ؛ الذي ربما كانت تراهن عليه الحكومة ، لتوجيه بوصلة الحركة تجاه الأردن ومصالحة الحيوية بعيدا عن الأجندة الخارجية أو الخفية ، كما أن إبن إرشيد أخطأ في تقديره للموقف ؛ وفي مثل هذه الحالة لابد من تدخل طرف آخر؛ فمصلحة الوطن فوق جميع الإعتبارات.