زمزم واستحالة الشماتة في السياسة
عمر كلاب
24-11-2014 02:19 AM
لا تعترف السياسة بالشماتة كمفردة قابلة للتداول في اعمالها او بورصتها , فالعمل السياسي مبني على قراءة المتغيرات على الارض وبناء الموقف السياسي تِبعا لهذه القراءة , وتحتمل السياسة مفردات عدم الثبات في الموقف ليس على شكل ادانة او انقلاب على الموقف فالثابت هو المنهج وليس الموقف السياسي الخاضع للتغيير كأول درس في علم السياسة .
موقف الجماعة الاخوانية بإقفال ملف زمزم واسقاط العقوبات بحق افرادها الاخوانيين , خطوة سياسية ايجابية , ولا تعني انتصار زمزم او هزيمة الجماعة , فهذا موقف وليس منهجا حتى يُقال ان الجماعة انقلبت على منهجها وبالتالي تستحق الادانة ,ولا يجوز ان يتم التعامل مع اقفال الملف بلغة الشماتة بتراجع الاخوان او انكسار ارادة تيار داخلها , بل استجابة موضوعية مطلوبة لظروف الاخوان الداخلية على امل ان تنعكس هذه الاستجابة على مواقف الاخوان في الملفات الداخلية العالقة واهمها موقف المقاطعة السياسية الذي اثبت عدمية نجاعته .
اسقاط العقوبة بحق قيادات زمزم الاخوانيين هو العتبة التي يجب ان تراكم الجماعة عليها , فأسباب تفكير قيادات حزبية اخوانية بمظلة سياسية خارج مظلة الجماعة ليس عبثا او مراوغة او مشروعا انقلابيا او انشقاقيا بل هو ردة فعل طبيعية على جمود الجماعة السياسي حيال ملفات داخلية مُختلف عليها داخل الجماعة , واستكانة تيار الاغلبية في الجماعة الى حسم الاختلاف بالتصويت فقط يعتدي على حق الاقلية في التعبير عن رأيها داخل الاطر الحزبية ذاتها وهو حق اساسي للاقلية داخل اي حزب حتى تنجح في قلب الموازين او تستكين الى قرار الجماعة .
اهمية عودة قيادات زمزم الى الحضن الحزبي هي ترتيب البيت الحزبي والبيت الاخواني على اسس مستقرة وستنعكس على علاقة الاخوان الداخلية وعلاقتها مع البيئة الحاضنة والفضاء السياسي والاجتماعي الذي تعمل داخله الجماعة ومن ضمنها الحكومة ومؤسسات الدولة والاحزاب السياسية على اختلاف تلاوينها , فثلاثي زمزم اختبر عمليا تجربة التلاقي مع التيارات الاجتماعية والسياسية ونجح في تجسير المسافة مع اركان مؤسساتية واركان شخصية داخل الدولة وبات قادرا على تقييم الموقف بمنظار التجربة العملية .
وستكسر العودة ميزان القوى المختل داخل الجماعة الذي انتهج مبدأأ التصعيد والمقاطعة وسط ترحيب من تيار محافظ داخل الدولة وجد في تصعيد الاخوان ومقاطعتهم فرصة ذهبية للاستفراد بباقي التكوينات السياسية وتقديم المعارضة الاردنية بصورة عدمية تخلو من اي دسم سياسي فقام بتوفير موجبات صعود التيار التأزيمي داخل الجماعة الى الواجهة الحزبية , فحضور الاخوان داخل منظومة العمل البرلماني والسياسي ضرورة وطنية لتحقيق التوازن المطلوب بين التكوينات الاجتماعية والسياسية وتحرر الارادة السياسية من ثنائية الاخوان والدولة , هذه الثنائية التي اوصلتنا الى مناطق خشنة .
بقي ان تُعيد الجماعة بناءاتها الداخلية على اسس اردنية واضحة المعالم والتفاصيل وان تثبت صدقية ما كانت تقوله عن دور مكتب الارشاد العالمي غير المُلزم لتيارات الاخوان القُطرية , حين رفضت نصيحته بدخول معترك الانتخابات النيابية الاخيرة وحين بررت مشاركة اخوان العراق في حكومة بريمر , وان موقفها من الاحداث الاقليمية مربوط بالمصالح الاردنية المرسلة وهذا ما خالفته تصريحات نائب المراقب العام زكي بني ارشيد مؤخرا .
ملف الاخوان ليس شائكا الى حد الوصول الى حظر الجماعة , ولكنه دخل مساحة خشنة في العلاقة مع التكوينات السياسية والاجتماعية الاردنية بسبب تعالي الجماعة السياسي وارتكانها الى الظروف الاقليمية العربية التي اضعفت هيبة الدولة كما اضعفت هيبات دول عربية كثيرة وعلى الجماعة ان تلتفت الى ان هيبة الدولة هي اساس الاستقرار كما كانت تقول وتمارس قديما فلا احد له مصلحة في تازيم العلاقة وإبقاء الثنائية المقيتة ونبارك بعودة قيادات زمزم الى بيتهم الاخواني على امل ان تكون العودة مصحوبة بعودة الاخوان وحزبهم الى المشاركة الحياة السياسية الاردنية كحزب معارضة اصيل .
(الدستور)