الفرصة السكانية التي ضاعت ولن تعود.
23-11-2014 03:07 PM
قبل اعوام اطلق المجلس الاعلى للسكان حملة وطنية تحت شعار "الفرصة السكانية"
فتوالت جهود الصديق زهير الكايد تلته الدكتورة رائدة القطب واخيرا الدكتورة سوسن المجالي اطال الله اعمارهم جميعا في التبشير في المفهوم الذي اصبح عنوانا لغالبية انشطة المحلس.
مئات الورشات والاعلانات واللقاءات التلفزيونية التي تحاول ان توضح لنا ان لدينا فرصة للانطلاق بعد ان اصبح لدينا اعداد اكبر من السكان في عمر العطاء وهي فرصة تاريخية يمكن ان تحقق اثار ايجابية على اقتصادنا وانتاجيتنا ومستقبلنا ان نحن احسنا استثمارها.
في بدايات الالفية كانت الارقام المتداولة لسكان بلادنا في حدود ال 5مليون..وكانت الزيادة السكانية في حدود 2.5% سنويا نسعى لخفضها الى 1.8% على اعتبار ان النمو السكاني يعيق التنمية والتقدم ويشكل ضغطا هائلا على البنى التحتية والخدمات ويحدمن فرص تحسن مستوى الدخل ونوعية الحياة.
جلسات كثيرة كانت تتم لالتفاف على رغبة الاردنيين في ان ينجبوا بالقدر التي تتيحه الامكانات البيولوجية للنساء والرجال فحاولنااستخدام التخطيط العائلي بدل منع الحمل وتباعد الاحمال بدلا من التنظيم العائلي واطلقنا الحملات الدعائية التي شارك فيه الشيوخ واصدرت الفتاوى ونشرنا العيادات ودربنا الاطباء والطبيبات والمرشدين واغرقنا المراكز الصحية وشاشات التلفزيون بالبوسترات التي تصور اعباء النهوض باطفال الاسر التي لم تباعد احمالها.
وتبادل الساسة والمخططون والخبراء التهاني والثناء على جهودهم في نشر اللوالب وحبوب المنع للحمل ومستوى الوعي الذي تحقق للرجال والنساء حول مواسم الاخصاب وتجنبها لكي لا تتزاحم الاحمال فترهق كواهلهم المرهقة اصلا.
في تلك الايام كنا نتوقع ان تتدحرج كتلة السكان في بلادنا ببظء يتناسب مع مواردنا وبشكل يمكننا من ان نلتقط الانفاس لنبحث عن مصادر المياه والطاقة ونطور الصناعة والزراعة والتكنولوجيا ونوقف الضغط على غرف المدارس واسرة المستشفيات والطرق المكتضة والوظائف المحدودة فقد ظن المخططون ان نموا بنسبة 1%سيكون مثاليا لبلد لا تملك الكثير من الموارد وترهقه فواتير الديون الخارجية والداخلية.
في ثقافتنا مثل يقول "الي ما اله حظ بيطلع له العظم في الكرشة" اي من حيث لا نحتسب جرى غزو العراق ففاضت الهجرة العراقية على بلادنا وجرى استيعابها بطرق نعرفها ولا نعرفها وعدلت سياسات السكان فمنحت الجنسيات للبعض تحت مضلة الاستثمار والحالات الانسانية وغيرها من الاسباب والمبررات وتشوهت مسيرة الاقتصاد والنسيج الاجتماعي من خلال العلاقات التي نشأت بين اثرياء المهاجرين والمتنفذين من الاردنيين الذين دخلوا في شراكات ادت الى تشكل طبقة جديدة من الاثرياء الجدد وقفزوا بذلك على كل معايير النجاح والتقدم التي رسمتها القواعد التقليدية الاردنية.
الى جانب ذلك اتدفق المزيد من المصريين الباحثين عن العمل في مزارع زبيوت ومصانع الطبقة الجديدة التي بدت وكانها تعمل على هوامش الاقتصاد تاخذ منه ولا تعطي الا لمن تحكموا بمفاتيحه...الاف البنغاليين والصينيين جاءوا للعمل في المناطق الصناعية الحرة والمقيدة....الاف السودانيين وايمنيين والليبين الباحثين عن العلاج وطيب الاقامة استقروا في البلاد هم الاخرون.
في السنوات الثلاثة الاخيرة تفجرت الازمة السورية وتدفقت افواج الذين ظنوا ان فيرحيلهم
نجاة لهم ولذريتهم وتوالت الافواج لترفع ارقام النمو السكاني الذي عملنا على خفضه بكل حيلة وجدناها وبمعدل تجاوز ال12%سنويا ليتجاوز عددهم 1.4مليون نسمه.
قبل ايام اشارت الدكتورة المجالي في محاضرة لها بجامعة الشرق الاوسط ان سكان الاردن قد وصلوا الى اعتاب ال9مليون نسمة . ومع ان الاردن لم يجري تعدادا كان من المفروض ان ينفذ هذا العام واختلاف الارقام التي يتداولها المسؤولون الى ان الرقم مرعبا ومن غير الممكن انيمر هكذا .
لقد انطلق البحث في علم السكان وجاءت ولادته يوم احس الاقتصاديون والاجتماعيون والساسة بالاختلالات التي تنجم عن الفجوة بين الموارد والسكان....فلا ادرى كيف يفكر صناع سياستنا بحل ازمات المياه والغذاء والضغط على البنى التحتية والخدمات ومن الذي يخطط لنا .
ان يصل الاردن في عامين الى ما يمكن ان يصل لهفي 16عام من السكان امر خطير ولا يمكن ان نكتفي باطلاق صرخات الاستغاثة ونجوب اركان الدنيا لنعرض قضية جديدة واجندتنا متخمة بقضايا يزيد عمرها على اعمار غالبية قادتنا ومنظرينا.
الفرصة السكانية اضعناها واي فرصة اضعنا....اجينا لنفرح فما لقيناش مطرح.