عرس تونسي في الاردن
السفير الدكتور موفق العجلوني
23-11-2014 02:46 AM
نعم تجاوزت تونس الخضراء الربيع العربي حيث بدأت تقطف الازهار وتجني الثمار بعد شتاء سياسي قارص و صيف سياسي ملتهب و خريف تساقطت مع اراق خريفة قطرات دماء الشهداء و التي روت ارض تونس الخضراء ليبزع فجر جديد اضاء البسمة و الفرح على وجوه التونسيين و التونسيات . انطلق التونسيون بفرح غامر دون خوف او رعب مطمئنيين و تملاؤم الفرحة و البهجة والسرور بافواج عبر شوارع تونس من اقصاها الى اقصاها لاختيار رئيس للجمهورية , و قد قرر التونسيون ان تكون ايام هذا العرس التونسي العربي المغربي الاسلامي مدة ثلاث ايام لكي يتمكن كافة التونسيون من المشاركة في هذا العرس الوطني الغامر . و ها هي تونس التي تحررت من الحكم الفرنسي والدكتاتورية بفضل رجالها و نسائها الاحرار و ما حققته من تقدم و ازدهار حيث اصبحت عروس المتوسط يؤمها الاحبة والاصدقاء والزوار , و الان عادت تونس بثوبها الجميل و الذي يتغزل به التونسيون اولا و العرب ثانياُ .
توجه التونسيون الى صناديق الاقتراع منذ صباح يوم الجمعة الموافق 21/11/2014 و بنفس الوقت توجهت الجاليات التونسية إلى مراكز الاقتراع في 43 دولة و من ضمنها الاردن لاختيار رئيس للبلاد. وقد شاهدت العشرات من التونسيين يؤمون شطر السفارة التونسية في عبدون , و سعادة سفيرة تونس السيدة عفيفه الملاح و جهاز السفارة يستقبلون جموع الناخبين من الجالية التونسية و الفرحة على محياهم حيث لم اتمالك نفسي لهذا المشهد الرائع و الذي تفتقر له العديد من السفارات في عالمنا العربي حتى اوقفت سيارتي و تقدمت بمصافحتها و تقديم التهنئة لسعادتها على هذا العرس التونسي الوطني في عمان ضمن الجو الديمقراطي و البيئة الامنية التي يعشها الاردن , نعم هكذا يكون السفراء .
لقد استطاع الشعب التونسي تجاوز محنته و لملمة جراحه و ان حروق محمد البو عزيزي رحمه الله و التي كانت بمثابة حروق لكل التونسيون ها هي حروق التونسيون تتماثل للشفاء و تعود بجلد جديد و دم جديد , و عرف ان طريق الخلاص هو تجاوز الماضي و النظر الى المستقبل , وبالتالي فقد قام المجلس الوطني التأسيسي التونسي بعد المصادقة على مشروع الدستور التونسي في جلسته العامة و التي عقدت بتاريخ 26 كانون الثاني 2014 و استنادا الى المادة 147 من الدستور التونسي و التي تنص على نشر الدستور بالجريدة الرسمية ( الرائد الرسمي للجمهورية التونسية ) حيث يدخل الدستور حيز التنفيذ فور نشره . و بالتالي تم نشر الدستور التونسي بتاريخ 31 كانون الثاني 2014 .
و قد جاء الدستور التونسي الجديد مؤكداُ على تمسك الشعب التونسي بتعاليم الاسلام و مقاصده السمحة و المتسمة بالانفتاح و الاعتدال و القيم الانسانية و مباديء حقوق الانسان , مع التأكيد على النظام الجمهوري الديمقراطي التشاركي في اطار دوله مدنية السيادة فيها للشعب عبر التداول السلمي للسلطة عن طريق الانتخابات الحرة و على مبدأ فصل السلطات و التوازن بينها و استقلال القضاء و المساواة في الحقوق و الواجبات بين جميع المواطنين التونسيين. مع التركييز على الانتماء التونسي الثقافي والحضاري للامة العربية و الاسلامية و دعم الوحدة المغربية باعتبارها خطوة نحو تحقيق الوحدة العربية و التكامل مع الشعوب الاسلامية و الافريقية و التعاون مع المجتمع الدولي . مع السعي الى الريادة و الاضافة الحضارية و ذلك على اساس استقلال القرار الوطني التونسي و السلم العالمي و التضامن الانساني .
ها هي تونس تثبت للعالم العربي و الدولي انها قدوة عربية حسنة في الديمقراطية و الحرية و المشاركة الشعبية بكافة اطيافها و احزابها ومواطنيها , و ها هي تحقق احلامها كما قال الرئيس السيد محمد المنصف المرزوقي عندما صدر الدستور التونسي الجديد . مبارك لتونس انتخابات الرئاسة و التي وسوف تتكلل بالنجاح باذن الله و عزيمة الشعب التونسي و يختار التونسيون رئيس جمهوريتهم من خلال صناديق الاقتراع . نتمنى ان تعم هذه التجربة بلداننا العربية الشقيقة و التي عانت و تعاني الحروب و الخلافات الطائفية وان يتوقف نزيف الدم العربي و ان تخرس اصوات اطلاق الرصاص و القذائف و المتفجرات و الارهاب و الاغتيالات و تبادل اطلاق النار بين ابناء الشعب الواحد , وان تكون هناك صحوة عربية لما يجري من مؤامرات خارجية و داخلية و دواعش و مكائد ومصائد و استغلال لمقدراتنا واستغفال و استخفاف لشعوبنا العربية .