معلمو وزارة التربية الى متى هذا الاستعباد ؟
03-04-2008 03:00 AM
وكأنهم فارّون من أمام أبواب العذاب الكبير ، ليقعوا تحت رحمة نوافذ العذاب الأصغر ليقبلوا العمل في قطاع الإقطاع ، هذا ما يعانيه قطاع معلمي وزارة التربية والتعليم ، الذين أصبحوا أشبه " بحجيّـز الهوشة " تنهال عليه الضربات واللكمات من كل جانب ، وهو الذي تصدى لعمل الخير ، ومنع مصيبة قد تحدث ، ليئول عمل الخير والشرف آخر الزمان الى احتقار ٍ ومحل ازدراء .
المعلم أشرف وأرفع وأخلص صاحب مهنة على مرّ التاريخ حينما يؤديها بإخلاص وأمانة وشرف ، والمعلم حينما يتصدى للتعليم ، وتتخرج من تحت يديه أفواج من الأجيال الفالحة ، وبينهم من يصبح مديرا أو مديرا عاما أو وزيرا للتربية والتعليم مثلا ، لا بل رئيسا للوزراء ، يكون حينها بطلا حقيقيا من أبطال الوطن ، وكنزا من كنوزه .. ولا يقول لي فيلسوف إن "الديك الفصيح من البيضة يصيح " فطوابير الفلاسفة والدكاترة والأطباء والمهندسين والسياسيين وأعيان البلاد تخرجوا من مدارس ، وعلى أيدي مدرسين أفنوا حياتهم ، واحدودبت ظهورهم ، وزالت بصمات أصابعهم جراء تقليب الصفحات والطبشرة على السبورة ، ليعود أحدهم الى بيته آخر الدوام حاملا تعب الدنيا على ظهره ، وكيسا من الخبز في يده ، وأحلام رسمها لأطفاله في قوقعة دماغه .
وقف الأردن بشعبه وشعابه وشيبه وشبابه والطفارى والحيارى والسكارى ومن نامت ناقته ولم تصحو ومن نهض حظه ولم ينم ، كلهم وقفوا وقفة الشرف والرفعة ليرفعوا إسمنا عاليا ، ولتفوز أنجم نجوم سماء الأردن في الطرب وسوبر ستار العرب ، ثم إنكم تعرفون بقية القصة ، ثم لا يقف مسؤول ملتزم لنصرة هذه الشريحة التي تعد أهم وأفضل قطاع من موظفي الحكومة .
هذا القطاع يتعرض للظلم المجحف يا عباد الله ، مشتتون في منافي القرى والبوادي ، ومهددون في مدارس الباباوات والماماوات ، يتعامل مع أطفال لا يعرفون شيئا في الحياة ، ومع شباب عرفوا كل شيء قبل أوانهم ، يرون أخطاء الطلاب ولا يستطيعون ان يتخذوا أي إجراء ضد أخطاءهم ، وان مدّ أحدهم يده على طالب ، بات ليلته تحت امر شرطي النظارة ، وفي أجمل لحظات الحظ المبتسم له تكسر يده ،أو يضرب بحديد ، وهؤلاء ليسوا عبيدا لأحد ، ولم نستوردهم في حاوية ضمن بضاعة تخضع للجمارك والرسوم التأديبية .
أبناء الأردن في سلك التعليم وعلى مرّ سنين طويلة علمّوا شعوب الخليج العربي واليمن وليبيا وجعلوا من أبناء تلك الديار أساتذة وقادة وقلبوا موازين الفكر والثقافة عند مجتمعاتهم ، ولا يزال الطلب على المدرس الأردني في الخليج ملحا ، لأنهم شرّفوا الرسالة التي حملوها ، وكانوا خير من حملها ، فوزير التنمية السياسية كمال ناصر كان استاذ مدرسة في إحدى القرى السعودية مثلا .
وفي الأردن يشكوا أصحاب المعالي دائما من نقص في المعلمين واستنكاف طالبي التوظيف عن الالتحاق بوظيفة معلم ، وتوقف وزارة التربية والتعليم تخصص معلم صف ولا توقفها الجامعات ، ثم يقاسي هؤلاء الأساتذة كل المرور والشرور من برد وقرّ وتعب أسوة بطلابهم ، أو أقل حظا منهم ، ليقذفوا الى رصيف الحياة دون أمن وظيفي ، ولا ضمان يستر عورات أبناءهم بعد ان جردتهم الظروف من متاعهم .
وفي الخبر المنشور هنا في " عمون " يوم أمس الاربعاء ظهرت الصورة الموحشة للمدرس في وظيفته ، فكيف بالله عليكم توجه إنذارات بالجملة الى معلمين معظمهم من الزوجات بسبب استنكافهم عن تصحيح أوراق الامتحانات ، على الرغم من تأكيد معظمهم بأنهم لم يطلبوا الالتحاق بلجنة التصحيح بل ان مديريات التربية هي التي نسبت الى الوزارة وُبلغ المعلمين قبل الموعد بأسبوع مع انهم في عطلة وأكثر الزوجات تفرغن لأبنائهن خلال العطلة ، والإنذار الثاني سيؤدي الى الفصل .. فكيف تتحكم الوزارة بالمعلم المأكول المذموم .
وفي ذات الخبر ، يحُرم مدير المدرسة غير الحاصل على الدبلوم من كافة امتيازاته الوظيفية إذا حصل على إجازة لأي سبب من الأسباب ، ليُحرم مدير قضى عشرون عاما من عمره في هذه الوظيفة ، ويعاد الى وظيفة معلم ويسلب من العلاوات التي حصل عليها ، والتي لا تعادل نسبة 2 بالمئة من راتب موظف ليبرالي لا يعرف مدرسة المنشية أين تقع .
ويعلل وزير التربية والتعليم السبب ، ليؤكد ظلم قانون الخدمة المدنية الذي تتذكر الوزارة تطبيقه ، وتنسى ان تطلب من المدير وهو على رأس عمله ليلتحق بدراسة الدبلوم طيلة سنين خلت ، مع ان إحدى الحالات المنوه لها مكلفة رسميا بوظيفة مديرة مدرسة ، وأي مدرسة !!؟ يا للتعب .. يا للعتب .. يا لظلم ذوي الزمالة .
عموما .. أرجو من القارئ الكريم العودة الى الخبر هنا في "عمون " وقراءة بعض التعليقات الواردة من معلمي الوزارة ، عل يكون فيها شيء من معلومة وبث شكوى ترق لها قلوب المشرعين لإعادة تعديل القوانين .
إن قوانين التربية والتعليم يجب ان يتم تعديلها لنصرة المعلمين ، وإلا فإن فكرة إنشاء نقابة خاصة بالمعلمين هي الفكرة النهائية لإنهاء معاناتهم التي لن تنتهي عند هذا الحد .. وبقية حكاية النقابة يعرفها الأخوة .
أخيرا فليتذكر من عنده ذاكرة إن اسم الوزارة هي التربية والتعليم فالتربية سبقت التعليم ، فلمن لهؤلاء المربين يا دولة الرجل المنصف رئيس الوزراء .
Royal430@hotmail.com