لم اعرف قط في حياتي إنسانا ً إيجابيا ً على الدوام كما هو المرحوم احمد اللوزي اسكنه الله فسيح جنانه ، فالسلبية المتعارفة لا وجود لها في حياة ابي ناصر غفر الله له ، وإنما تفاؤل تام حتى في احلك الظروف ، وتبشير لا تنفير بأن الدنيا بخير وأن الاردن دوما بخير ، لا يذم احدا امام احد ، ولا ينطق الا بما هو خير ، يتجنب الحديث في السياسة بالمناسبات الاجتماعية ويعطيها حقها في إحترام المناسبة ويبتعد كثيرا عن حديث اللغو وغث الكلام ، ولا يعرف للتذمر سبيلا ، فهو اب راشد يحترم الجميع ويعلم الجميع كيف تكون إيجابيا في قولك وعملك مهما كانت الظروف دقيقة او حتى قاسيه ، وتلك ميزة له دون كثير سواه .
عرفت ابا ناصر عن قرب إبان كان رئيسا لمجلس الاعيان عندما كان مجلس الامة موحدا إداريا ، وكنت آنذاك مستشارا إعلاميا لرئيس مجلس النواب المهندس سعد السرور أمد الله بعمره ، وغالبا ما كان ابو ناصر ابدله الله دارا خيرا من داره ، يطلب أن احضر معه لقاءاته الرسمية لصياغة خبر اللقاء ، ويبدو انه كان يرتاح لما اكتب ، ولكم شدتني فصاحته وتمكنه من الكلمة حتى تعلمت منه الكثير ، وبالذات تواضعه الذي لا يدانى ، فهو احمد اللوزي في بيته وفي مكتبه وفي المناسبات ، لا يتكلف ولا يتصنع ولا يهادن في حب الاردن الارض والانسان والعرش والمنجز ، وهو اكثر من عرفت إعتزازا بما احرز الاردن من تقدم .
واذكر فيما اذكر أنه قد طلبني ذات صباح من خلال مدير مكتبه الصديق فاروق نوار وظننت ان لديه لقاء رسمي ، لكنني وجدته وحيدا في مكتبه ، وبعد السؤال التقليدي المعتاد عن الاهل والاحوال ، قال رحمه الله ، اسمع عموه انا معجب بأدائك وارى ان كل شئ فيك ممتاز بإستثناء ً شغيله ً واحده ، تفاجأت وسألته وما هي ، إبتسم وقال. ً التدخين ً فلو تركته لكنت كاملا مكملا ، وأذكر انني أحجمت عن ان أعده بذلك ، وقلت لا أعد دولتك لكنني ساحاول ، وباسلوبه المحبب للجميع ، اضاف ، انا اليوم معزوم عن مخاولك الزبيدات واريدك ان ترافقني ، كان المضيف هو المرحوم علي الكريم الزبيدي ، وهكذا كان .
لقد انجبت عشيرة اللوزيين الكريمة شخصيات عديدة محترمة اسهمت في إثراء المسيرة الوطنية سواء من خلال المواقع المدنية او العسكرية ، او في المجال الاجتماعي ، ونذكر وعلى سبيل المثال لا الحصر ممن رحلوا المرحوم مفلح اللوزي ً ابو صالح ً ، والمرحوم عبدالله اللوزي الشاعر الاردني المعروف بجزالة اللفظ البدوي المعبر على نحو يحرك المشاعر الوطنية والانسانيه ، وكان ابو ناصر رحمه الله من خيرة من انجبت العشيرة لا بل الوطن ، فقد شغل ابو ناصر مختلف المواقع القيادية وكان نعم الوطني المخلص ، لم تغيره الظروف برغم تغيرها الكبير ، وإنما ظل الوفي الذي حاز إحترام الجميع لما توفر عليه من بساطة ورقة وطيب معشر ، فهو الإيجابي دوما والمتفائل دوما والوفي دوما .
رحمك الله ابا ناصر ، فهذه هي سنة الحياه ، تبدأ وتنتهي في لحظة ما لا يعلمها سواه جل في علاه ، من احسن فيها صنعا يلقى الفوز عنده سبحانه ، ومن أساء فيها خسرها وخسر الآخرة وحسابه على الله جلت قدرته ، وليت الموت يكون عبرة وعظة للكثيرين الذين جرفتهم الدنيا بزينتها الزائفة واعمت بصيرتهم وابصارهم عن حقيقة ان لكل منهم يومه ، ولا حول ولا قوة الا بالله .
ختاما لا جدال في ان ابا ناصر غفر الله له فقيد وطن ، والبركة في خلفه الطيب وعشيرته الطيبة ، فالى جنات الخلد بأذن العزيز الجبار ، إنا لله وإنا اليه راجعون .