أصبحت التكنولوجيا مثل الأدوية المزمنة نجبر على تناولها كي نبقى على قيد الحياة ، لكن المفزع فيها انه كلما تطوّر العلم..زادت آثاره الجانبية التي تظهر على شكل «طفح» في المجتمع أو سموم تسري تحت الجلد..
أحدث صرخات الشيطنة التي توصّل إليها البشر في الإدمان ..هو سماع جرعات موسيقية صاخبة تعظم نشوة التعاطي عند الشباب ، وتشبه تماماً ما تقوم به المخدرات الكيمائية أو الحشيش..تشعر المستمع بالانفصام عن الواقع أما بالسعادة أو بالهلوسة وقد تؤدي به الى الوفاة إن رفع «الدوز» قليلاً...وتعمل هذه المخدرات الموسيقية في المخ – حسب رأي الخبراء - من خلال اصدار موجات كهرومغناطيسية لا يشعر بها الانسان لكنها تصل الى خلايا الدماغ وتحفز هرمون السعادة على الافراز وبالتالي الاسترخاء و»التسطيل» الاليكتروني..
لا أبر ولا حبوب ولا استنشاق ولا «بودرة»..ولا هيئة مكافحة المخدرات ، ولا هيئة أمر بالمعروف، ولا كبسة من قبل الوالدين ، ولا مضبوطات، ولا تهم، كل ما في الأمر ان يضع الشاب سماعات في أذنيه ويستمع لموسيقى صاخبة غير منتظمة تشتت عمل العقل فيتعب»فوق ما هو تعبان» ويتخدّر من جديد..
شخصياً أرى ان المخدّرات الرقمية ليست جديدة علينا كعرب...فمنذ دخول أول وحدة صهيونية مسلحة أول حقل زيتون فلسطيني ونحن نتعاطى المخدرات الرقمية...طالبوا بالانسحاب الى حدود 1948 فامتلأت الخطابات العربية بالـ48 ، فتخدّرت شعوب الوطن العربي على رقمي 48 وانتظرت الوعد حتى يتحقق، فقضمت (اسرائيل) سيناء والضفة الغربية وغزة والجولان عام 67..فامتلأت الخطابات العربية بالــ67..والتهى المحللون السياسيون بأسباب خسارة حرب الــستة أيام ، ونطلقت وعود بان الأرض العربية المغتصبة ستعود الى الدول المسلوبة كمان كانت قبل حزيران الـ67..فتخّدّرت الشعوب العربية رقمياً من الــ 67،...لتدخل بمخدّرات رقمية جديدة بـ»دوز أعلى» ...مثل قرارات الأمم المتحدة « 194،242،338» اوسلو 1993...وغيرها.. * هناك فرق بين المخدرات الرقمية «الشبابية» والمخدرات الرقمية»السياسية» ..
في الأولى يخسر الشاب بدنه...لكن في الثانية يخسر الشعب وطنه..
وما اصعب خسارة الوطن...
(الرأي)