للاسرائيليين صولات على صعيد الاعلام العربي، اذ مع كل وسائل الاعلام المخترقة لصالحهم، سرا او علنا، وتروج ذات مصطلحاتهم ومواقفهم من وراء قناع، بات الاسرائيليون يتمددون على نطاق واسع بشكل علني.
من اذاعة اسرائيل باللغة العربية التي كان يستمع اليها كثيرون، مرورا بتلفزيونهم، في فترات قديمة، وقنواته الفضائية الناطقة بالعربية، حالياً، هناك سلسلة من المواقع الالكترونية من «اسرائيل بالعربية» وصولا الى «المصدر» وغيرهما من مواقع الكترونية، وصحف اسرائيلية تبث بالعربية، الكترونيا، مع مواقع رسمية وترويجية كلها تنطلق بالعربية على الشبكة، بما فيها مواقع امنية معروفة، مع خدمات حمل الاسرائيليين ودسهم الى بيوتنا عبر شاشات عربية معروفة.
لا يتوقف هذا التمدد عند هذا الحد، اذ ان صفحات التواصل الاجتماعي تفيض بأسماء اسرائيلية تكتب بالعربية، وبعضها لرسميين، مثل افيخاي ادرعي، الناطق الرسمي باسم الجيش الاسرائيلي، الذي تجمع صفحته مئات الاف المعجبين، الذين يدخلونها لشتمه بالعربية، باعتبار ان هذا يؤثر عليه اساسا، وكلما ناشدناهم الانسحاب من الصفحة، كلما زاد العدد!!. مثلها صفحة اوفير جندلمان الناطق باسم رئيس الحكومة الاسرائيلية ، الذي يجمع اسماء العرب من كل الجنسيات مثل الطوابع على صفحته، واغلبهم يدعي ايضا انه يسجل فيها، لاجل شتمه، باعتبار ان هذ يؤثر عليه ايضا، وكأن المشتوم هنا، يقوم بترجمة مواقف العرب، ويعيد بثها للاسرائيليين!.
مع كل هذا انتاج لافلام قصيرة لعدة دقائق تشرح السياسات الاسرائيلية، والمعلقون باللغة العربية، يقومون بهذه المهمة لاجل اسرائيل.
اللافت للانتباه هنا، عدة قضايا، ان العرب مازالوا يخاطبون بعضهم البعض، ولا تجد فضائية عربية واحدة بالعبرية او موقعا عربيا يبث بالعبرية، او صفحات على التواصل الاجتماعي تنطق بالعبرية للوصول الى الاسرائيليين.
ثانيا ان العرب لديهم عقدة العدو، وليس ادل على ذلك من تزايد التسجيل في هذه الصفحات والمواقع، وكأن هذا جهاد الكتروني يجدي نفعا، على الرغم من ان كل التعليقات بالعربي، ولا يراها الا العرب، وكأننا نتحدث داخل زير مغلق.
اسرائيل يهمها الجمهور العربي، وهذه ثالث الملاحظات، وهي تعرف ان المخاطبة قد لا تؤدي الى نتائج قوية، لكنها مع الوقت قد تنفع في خلخلة الجمهور، او هز قناعاته، او على الاقل اثارة الافتتان بالعدو، وهذه حالة نفسية لها اسرارها، وفنياتها، هذا فوق كونها مصيدة للراغبين ببيع انفسهم كجواسيس وعملاء.
كل المال العربي الرسمي، والمال الشخصي، لم يؤد الى اي مسعى لاختراق الجمهور الاسرائيلي، فلدينا جواسيس عرب، ولا يوجد لدينا جواسيس من الاسرائيليين، ولدينا طبقات سياسية يمكن اثارة الفتنة بينها،ولديهم طبقات سياسية لا يتم الوصول اليها، لدينا رجال دين يقتتلون، ولديهم رجال دين، لا نصل الى واحد منهم لاقناعه بفتنة او اختلاف. لدينا جمهور عربي، يتم استدراجه الى اعلام اسرائيلي عربي، ولا يوجد لدينا اعلام عربي لاستدراج الجمهور الاسرائيلي، وحتى الذين يجيدون العبرية من العرب، لا يسعون الى اي جهد في هذا الصدد، بل يصمتون كما الموتى.
الاعلام الاسرائيلي الناطق بالعربية يتوسع ويتمدد، والعرب زبائن على ما يبدو، يجيدون فقط الشتم بحيث لا يقرأ الشتيمة الا عربي آخر، وبحيث تكون النتيجة صفرا مكعبا هنا، لاننا مثل الدجاج نبيض في ذات القن!.
حتى اولئك الذين يدعون الموضوعية في الصراع، يخرجون علينا بمخاطبات غريبة، حين يخاطب احدهم أوفير جندلمان الناطق الرسمي باسم نتنياهو قائلا له....» عزيزي اوفير جندلمان..انت محتل ..ارحل» فتحلل تركيبة الجملة، فتراها خائبة ناعمة، لا تعبر الا عن هوان.
«عزيزي اوفير جندلمان» مرعبة جدا هذه الجملة، وقد هزت تل ابيب لحظة كتابتها، وادت ليلتها الى تغيير نتنياهو لمكان نومه!.
يبقى السؤال: كيف يمكن مواجهة هذا الطوفان؟!.
(الدستور)