يغادرنا إلى الدار الاخرة أحد رجالات الأردن الكبار ، الذي حمل لقب عميد رؤساء الوزراء الأردنيين، وكان يمثل الذاكرة الأردنية الواعية، من خلال المشاركة الفاعلة في مختلف المواقع، ومن خلال تحمل المسؤولية بعزم ومروءة، وانتماء عميق مصحوب بمسيرة سياسية تتسم بالاعتدال والهدوء، والتدرج، والعطاء المتواصل بلا ضجيج.
كان عضواً في مجلس النواب السادس عن مدينة عمان، وعضواً في المجلس السابع الذي حجب الثقة عن حكومة سمير الرفاعي عام 1963، ثم انتقل إلى المواقع التنفيذية حيث أصبح وزيراً في حكومة وصفي التل عام 1965، وبعد استشهاد وصفي التل عهد إليه بتشكيل الحكومة مرتين، كما أصبح رئيساً للمجلس الوطني الاستشاري، وتقلد رئاسة الديوان الملكي، واختير بعد ذلك عضواً في مجلس الأعيان، وأصبح رئيساً لمجلس الأعيان لغاية 1997.
مسيرة الرجل تشير بوضوح إلى انه أحد رجالات الأردن المعدودين الذين أسهموا في بناء الأردن، يستحقون الشكر والتقدير والعرفان بالجميل، ولكنه تميز بدماثة الخلق وحسن المنطق وفصاحة اللسان حيث كان متخصصاً باللغة العربية، وقد استمعت إليه أكثر من مرة وهو يتحدث بلغة الواثق وهو في غاية الهدوء والاعتدال ، وما زلت أذكر ذلك الاتصال الهاتفي الذي جرى بيننا، بعد أن ترأس لجنة تعديل الدستور التي تم تشكيلها على إثر الحراك المجتمعي الواسع الذي أطلق عليه اسم «الربيع العربي» وقد أسهب في الحديث على الهاتف حول مضمون التعديلات الدستورية وأهميتها بلغة هادئة ، ولهجة ودودة بعيدة عن التوتر وضيق الصدر، بل كان حليماً صبوراً ، وشفافاً وبأسلوب موضوعي علمي، فشكرت له تفضله بالاتصال، وقدرت له هذا الموقف، بالنظر إلى فارق السن بيني وبينه ، ولم أكن سابقاً على اتصال معه.
دولة الرئيس أحمد اللوزي، رحل بعد أن سجّل اسمه في سجل الخالدين، واستطاع أن يرسم نموذجاً أردنياً رائعاً يجمع بين العلم والخلق والخبرة، وعمق الانتماء، وأصالة عربية وتدين وسطي،ونجاح في العمل والتطبيق وتحمل المسؤولية.
(الدستور)