تعلن الحكومة ، على لسان ، مقربين منها ، ومن يعرف اسرارها ، ان لا تعديل وزاريا ، على الحكومة ، وقد كنت احد الذين كتبوا ، ان لا تعديل وزاريا ، بعد فض الدورة العادية لمجلس النواب.
في الافق ، ما يوجب التعديل ، وهو تعديل قد تجد الحكومة نفسها مضطرة اليه ، اضطرارا ، دون رغبة من الرئيس ، اذ تبدو تجربة بعض الامناء العامين الذين اصبحوا وزراء قيد المراجعة ، لاعتبارات عديدة ، كما ان هناك بعض التوترات النيابية - الحكومية ، ما بين نواب ووزراء ، قد تشتعل مجددا ، وهناك وزراء يرغبون بالاستراحة ، او العمل في القطاع الخاص ، ولا يمكن للرئيس ان يمنعهم ، وفي المحصلة ، فان التعديل ، خيار حتمي ، على الرغم من ان الحكومة بالكاد اكملت شهرها الرابع ، ولو سأل احدهم رئيس الحكومة ، هل يرغب بالتعديل ، برغم كل هذه العوامل ، فالارجح ان جوابه سيكون بالرفض ، غير ان الحكومة ، هي امام "تعديل فني" اجباري ، مهما تهربت منه ، فستجد نفسها سائرة اليه ، ولا يمكن في هذه الحالة ، اعتبار التعديل مبكرا ، او انه ذو مغزى سياسي.
لا يوجد ما يمنع من اجراء تعديل وزاري ، واذا كانت الحكومة ستعتبر ان التعديل سيحسب على كلفة وجودها ، نظرا لتوقيته ، وانه جاء مبكرا ، وسيفسر انه تراجع عن خيارات ، فالجواب ليس صعبا.. اذ ان التعديل وتحمل كلفته ، افضل بكثير من الاستمرار ، وتحمل كلفة بعض الوزراء ، واذا حسب الرئيس الكلفتين ، فسيجد ان كلفة التعديل اقل عليه بكثير ، كما ان التعديل امر طبيعي جدا ، اذا تم ، فنصف الحكومة ، هو من الحكومة السابقة ، وقد يكون طبيعيا ان يراجع الرئيس خياراته ازاء طاقم ورث نصفه ، من حيث المبدأ ، ثم ان الحكومة وجراء الحماية المعنوية التي تحوزها ، لا تنكشف هناتها ببساطة ، او نقاط الضعف بخصوص الوزراء ، او التناغم العام ، وهذا يعني ان الحكومة ستجري تعديلا على نفسها ، دون ان تتأثر بالاشاعات والوشايات وروايات التفسير ، حول اسباب خروج هذا او ذاك.
شهر العسل لحكومة الذهبي ، على مشارف تناسخه الخامس ، وقد حققت الحكومة انجازات لا تنكر اقلها شطب مبالغ فلكية من المديونية ، بجهد مباشر من الملك ، ومحاولة تعويض القطاع العام ، عن رفع اسعار المشتقات النفطية ، واذا كان الناس بشكل عام ، يشعرون بضيق من رفع الاسعار ولا يتفهمون مبررات الرفع ، فان المشهد الاهم لدى صناع القرار ، هو ان هذه المرحلة مرت على خير ، دون تحريض من قوى نائمة او مكشوفة ، ولربما واجب الحكومة اليوم ، ان تسعى لمحاربة الفساد ، ومنعه ، والتعويض عن تداعيات الفقر بصيانة المال العام ، ولعل الاهم هنا ان شهر العسل الذي ما زال مستمرا ، يساعد الرئيس حاليا ، في اجراء تعديل وزاري خلال الشهر الحالي او الذي يليه ، وما هو ممكن اليوم بكلفة قليلة ، قد يكون صعبا في توقيت لاحق ، وتزيد كلفته ، على اكثر من صعيد.
حتى الان تنفي الحكومة ، وجود نية لاجراء تعديل وزاري ، غير ان المشهد يشي على صعيد التحليل والتوقع ، بأن يكون التعديل محطة مبكرة ، ستدخلها حكومة الذهبي ، مضطرة ، في نهاية المطاف ، جراء عوامل عدة ، بعضها يقال ، واغلبها لا يقال... ومن يعش ير.
m.tair@addustour.com