العرض والطلب في مسألة الإرهاب
ابراهيم غرايبه
17-11-2014 01:42 AM
قدرة الجماعات المتطرفة على مواصلة اجتذاب المؤيدين والممولين، يفرض بداهة وببساطة مجموعة من الافتراضات:
1 - المجتمعات ليست حليفة للدول في مكافحة التطرف والإرهاب. فهي (المجتمعات) سلبية وغير معنية، ولعلها في الجهة المعاكسة؛ وهي أو فئات واسعة منها، ترى الجماعات المتطرفة حليفا.
2 - الدول غير جادة في مكافحة الإرهاب، ولعلها ترعاه وتشجعه من طرف خفي. ففي هذا الصراع، يمكن السيطرة على المجتمعات، وإلحاق الطبقة الوسطى بالنخب المهيمنة.
3 - مكافحة الإرهاب تسير في الاتجاه الخاطئ؛ فالدول وأجهزتها مشغولة بأعراض الظاهرة وتجلياتها، أكثر من انشغالها بجوهرها وأسبابها.
4 - التطرف والإرهاب يشكلان ظاهرة حتمية متصلة بالتحولات والعولمة والصراع الاجتماعي والسياسي، ولا حاجة إلى لوم الدول والمجتمعات؛ مثلهما مثل الجريمة (بمعناها الشائع) والمخدرات والوباء والأزمات الاقتصادية والمالية.
5 - ليس هناك إرهاب ولا تطرف؛ المسألة حركات وجماعات من المتمردين والخارجين على القانون والمهمشين والمغامرين. فالإرهاب مثل ظاهرة الجماعات والعصابات المسلحة، متعلق بسيادة الدولة وتطبيق القانون!
6 - الظاهرة هي مسألة بقاء وشعور بالتهديد، تستحضر فكرا دينيا متشددا وراسخا، ينشئ التطرف والعنف؛ وهي ثقافة بدائية قائمة على الصراع لأجل البقاء، مستمدة من الرعي والصيد وجمع الثمار.
7 - الظاهرة متصلة بقاعدة العرض والطلب. فهذه القاعدة حقيقة أساسية في الفكر والسياسة والسوق والسلوك. ويجب أن يفهم الإرهاب بما هو عمليات تشكل طلبا لدى الناس أو فئة واسعة منهم. هكذا يقول، على سبيل المثال، مصممو ومخرجو السينما في تفسير العنف والرعب والإغراء والقتل التي تفيض بها السينما. ويمثل العنف والتطرف وفق هذه القاعدة، سلعة تلجأ إليها المجتمعات لحل مشكلاتها، أو تلبية احتياجات وأهداف وتطلعات.
8 - هناك الوفرة التي تعمل ضد نفسها؛ في السعي الحتمي والتلقائي للإنسان بعد أن يحل مشكلة البقاء، ويملك وفرة من الطعام والوقت تسمح له بالتفكير، إلى البحث عن المعنى والجدوى. ولعلهما (المعنى والجدوى) كلمتا السرّ فيما جرى ويجري منذ إقامة الدولة الحديثة. فلا يمكن أبدا مع تطوير المدارس والمؤسسات ووفرة المعرفة والموارد، إلا أن يبحث الناس عن المعنى والجدوى. وفي بحثها عنهما، ضلت المجتمعات والدول الطريق، إذ وجدتهما في هوس وتطرف دينيين، مثل الوفرة التي تؤدي الى الإدمان على سبيل المثال!
9 - سلبية المجتمعات وانسحابها بعد تغييبها وتهميشها المتواصل والمتراكم من النخب والسلطات. واليوم، لا مجال في مواجهة الجماعات الدينية والمتشدة والمسلحة سوى أمرين: المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الواسعة للمجتمعات والناس ليقرروا مصيرهم، أو أن يعود الناس رعاة وصيادين وجامعي ثمار، لا يملكون من الوقت إلا الكافي لتأمين بقائهم!
(الغد)