هل تندلع انتفاضة في فلسطين؟
فهد الخيطان
16-11-2014 02:35 AM
كل المعطيات على الأرض تجعل من الانتفاضة خيارا موضوعيا في فلسطين. سياسات حكومة نتنياهو الاستيطانية، والاستفزازات المتواصلة في القدس المحتلة، وانسداد أفق المفاوضات بين الجانبين. لاشيء يدفع الفلسطينيين للانتظار، حتى أن السلطة الفلسطينية نفسها ملت انتظار المفاوضات،وتنوي التوجه إلى مجلس الأمن الشهر المقبل لطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
دول غربية سئمت من مماطلة إسرائيل، وتشاطر الفلسطينيين الرغبة بالتخلص من الاحتلال بعد كل هذه العقود الطويلة. ولهذا بادر عدد منها إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ السويد، مجلس العموم البريطاني، فرنسا وأسبانيا على الطريق.
قبل أشهر راهنت بعض القوى السياسية على الجريمة الإسرائيلية بحق الفتى المقدسي أبو خضير لقيام انتفاضة ثالثة. وبعد أن شنت إسرائيل عدوانا واسعا على قطاع غزة، ذهب البعض إلى القول إن العدوان سيعزز فرص الانتفاضة. غير ان ذلك لم يحدث، لابل إن فعاليات التضامن في الضفة الغربية كانت باهتة، وأقل مما شهدنا في بلدان عربية أخرى.
في الأسابيع الأخيرة اشتعلت القدس والأحياء المجاورة لها مرة ثانية بمظاهر الاحتجاج على الاعتداءات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، وحملات الاستيطان، واتخذت المواجهات بعدا متقدما تمثل بعمليات استهداف مختارة لقيادات إسرائيلية متطرفة، وأخرى عشوائية؛ دهس مستوطنين في الشوارع، وهجمات بالسكاكين.
بدا هذا التطور النوعي مؤشرا قويا على احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة تكون بدايتها من القدس. وقد شحنت فصائل فلسطينية الشارع المقدسي وفي عموم الضفة الغربية، في محاولة لتحويل المواجهات المحدودة إلى حالة عامة من الغضب الشعبي.
لكن ذلك لم يحصل، إنما حدث أسوأ منه، فبدلا من أن تندلع انتفاضة ضد الاحتلال، وقعت سلسلة من الانفجارات في غزة استهدفت منازل عشرات القيادات الفتحاوية، ومنصة الاحتفال بذكرى رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات. وعلى إثرها دارت حرب اتهامات بين فتح وحماس، واشتعلت مواجهة إعلامية لم تهدأ حتى الآن.
فتح اتهمت قيادات حمساوية بالوقوف وراء انفجارات غزة، وشن الرئيس الفلسطيني محمود عباس هجوما شرسا على حركة حماس، في خطاب اقترب فيه من نعي المصالحة الفلسطينية. حماس نفت الاتهامات جملة وتفصيلا، لكنها لم تقدم تفسيرا لما حصل في غزة حيث تفرض سيطرتها الأمنية هناك.
هل يمكن في مثل هذه الأجواء التي يخيم فيها الصراع بين أكبر فصيلين فلسطينيين توقع انتفاضة ثالثة؟
الانتفاضة الأولى والثانية كانتا التعبير الموضوعي لحالة التوافق الوطني الفلسطيني على برنامج عمل موحد. لحظة بلغ التوافق فيها حد الانفجار الشعبي في وجه المحتل، وهي اللحظة الغائبة تماما اليوم.
هل يكسر الشارع الفلسطيني سطوة الفصائل، ويتمرد على سلطتها، عبر انتفاضة شعبية تنتج قيادات جديدة؟
ليت ذلك يحدث، فالشعب الفلسطيني جدير بقيادات غير هذه المنشغلة بصراعاتها وخلافاتها على حساب قضيته الوطنية.
لكن حتى هذا الاحتمال صعب المنال، في ضوء الواقع الحالي، والمتغيرات التي طرأت في الضفة الغربية.
الظروف الموضوعية في فلسطين مهيأة لانتفاضة جديدة في وجه المحتل، لكن العوامل الذاتية ممثلة بصراع الفصائل والانقسام الحاد فيما بينها، تحول دون ذلك.
(الغد)