فوضى البناء تنظيمياً وضريبياً !!
د. عادل محمد القطاونة
16-11-2014 02:15 AM
شقق وعمارات، فلل وإسكانات، بيوت وقصور، شوارع وأرصفة، أنفاق وجسور، وبين ما هو مقبول وغير مقبول، نظامي وغير نظامي يتساءل البعض عن الشكل الذي أخذه البناء في المملكة من حيث العشوائية والخدمات المرافقة، ويتساءل البعض الآخر عن التحصيلات الضريبية لقطاعات الإسكان والمقاولات والتعهدات التي يقدر حجم الاستثمار فيها بأكثر من 6 مليار دينار حتى نهاية الشهر ال10 من العام 2014 فقط ، كما تقدر أرباح هذه القطاعات بأكثر من 100 مليون دينار سنوياً، وقد بلغ متوسط سعر المتر للبناء في بعض مناطق عمان الغربية على سبيل المثال أكثر من 1200 دينار، وهو السعر الذي يفوق سعر بعض البناء لبعض مناطق العاصمة الفرنسية باريس ! ويقل عن سعر بعض البناء في العاصمة اللبنانية بيروت !!
أظهرت الأرقام الصادرة عن دائرة الأراضي والمساحة عن الأشهرالسبعة الأولى من العام 2014 أن اقبال الأردنيين قد تزايد على شراء الشقق الصغيرة والمتوسطة ، حيث بلغ عدد الشقق المبيعة التي تقل مساحتها عن 120 مترا خلال الأشهر السبعة الاأولى من العام الحالي 6275 شقة مقارنة بـ 5407 شقق في الفترة ذاتها من العام 2013 كما بلغ معدل مساحة الشقق 89 مترا مربعا، بينما بلغ عدد الشقق المتوسطة التي بيعت خلال الفترة ذاتها 7341 شقة مقارنة بـ 5923 شقة العام الماضي، بمعدل 139 مترا مربعا للشقة ، أما في ما يتعلق بمبيعات الفلل والقصور فقد شهدت تزايداً ملحوظاً في الأعوام العشر الأخيرة، ويقدر حجم الاستثمار في هذا المجال بأكثر من مليار دينار أردني سنوياً !! لقد حقق قطاع البناء خلال السنوات العشرة الماضية أرباحاً ضخمة، كانت حصة ضريبة الدخل متواضعة ساهم في ذلك النفوذ القوي لبعض أصحاب شركات الإسكانات والمقاولات والتعهدات وقانون ضريبي متواضع كان ولا زال ينظر إلى ضريبة الدخل بمنظور تقليدي ضيق منذ سنين طويلة !!
إن من غير المنصف أن ترتفع الأسعار وتنخفض الجودة كما أنه من غير المنصف لمدينة عمان أن يغيب التنظيم ويظهر التعتيم فبعض شقق عمان لم تعرف نوافذها الشمس وبعض أنفاقها وشوراعها لم تراعِ زيادة المنسوب المائي تارة والصرف الصحي تارة أخرى كما أغفل البعض منها المتطلبات القانونية بضرورة التهوية ومسافات الارتداد والكراجات والأرصفة، فكل هذا القصور يتهاوى في ظل ضعف الجهاز الرقابي لبعض أجهزة الدولة من ناحية وإستبدال المخالفة بغرامة من ناحية أخرى!
ختاماً فإن تنظيم البناء جزء لا يتجزأ من منظومة الإصلاح الشامل، تنطلق من جذور ثابته قوامها التخطيط الأمثل لحياة أفضل، من خلال جملة من الإصلاحات التي تنعكس على مستوى رفاهية المواطن، ومن أبجديات تلك الحياة الأفضل وجود سكن عصري حضاري مبني على جودة عالية ومواصفات تراعي وجود الكراجات والأرصفة والتهوية والمسافات الكافية، يرافق كل ذلك شوارع معبدة وأنفاق واسعة، ومدارس مجهزة، ومراكز صحية مؤهلة، ومساجد واسعة وملاعب منشرة، وحدائق مزدهرة، لننتقل في حديثنا من المفهوم التقليدي للبناء إلى المفهوم الحضاري للبناء المستند إلى الرؤية الشمولية المتكاملة ضمن بنية تحتية متماسكة تسهم في تحقيق الازدهار لملف الاستثمار وتسهم في تأكيد الاستقرار لملف المواطن.