ما ضاع حق وراءه مطالب .. مسلة ميشع نموذجا
اسعد العزوني
13-11-2014 02:53 PM
وأخيرا أثمرت جهود الشاب الأردني المتواضع د.ضيف الله الحديثات ، برضوخ فرنسا عند مطلبه القاضي بإعادة ،مسلة ميشع ، وميشع هذا كما هو معروف ملك مملكة المؤابيين التي ظهرت في وسط وجنوب الأردن في القرن التاسع ق.م.ومشهور أنه هزم يهود الذين تسللوا في عتمة ليل إلى فلسطين.
ضيف اله حديثات ، ليس علما إمتد شرعيته من إحدى عواصم صنع القرار الدولي وفرض على الأردن ناهبا ، ولا هو منتم إلى جهاز مخابرات عالمي يوفر له الدعم والغطاء ، ويفتح الطرق أمامه ليتلسم أعلى المناصب ،بل هو شاب أردني يملك مركز دراسات وموقعا إليكترونيا متواضعين، إنتمى للأردن بعيدا عن معادلة المغنم والمغرم ، شأنه شأن السواد الأعظم من هذا الشعب الطيب الصابر على ماهو فيه، والذي أصبح مضرب المثل لدى العديد من الشعوب العربية ، إذ رأينا لافتات في اليمن إبان الحراك الذي أحرق اليمن ،كتب عليها ":نحن لسنا الشعب الأردني".
وقد إقتنع بالتحالف مع وطنه على المغرم فقط ، لأنه يعرف ان المغانم ليست للعاملين المخلصين من اجل رفعة الوطن وعلو شأنه ، بل لمن يؤتى بهم من غياهب الجهل .
لكن ضيف الله الحديثات يملك من وسائل القوة ، ما لا يوجد عند الآخرين من صناع القرار في الوطن العربي ، الذين يعقدون صفقات السلاح مع العواصم الغربية نظير إقتطاع مبالغ ضخمة عمولات لهم ، فما يملكه هذا الشاب المنتمي على طريقته هو الإرادة ،ومن إمتلك هذا السلاح فاز وإن طالت أيام معاركه.
لم يقم ضيف الله الحديثات بإستخدام طرق التفكير العربية ، ومنها الخوف على مكتسباته إن هو خالف المتبع ،أو تجفيف مصادر دعمه المادي ، لأنه لا يمتلك مثل ذلك أساسا ، وليس لديه منصب كبير يخاف عليه ،فكل ما يفتخر به الحديثات هو أنه مواطن أردني حر شريف عفيف ، لم يساوم على مكتسبات وطنه ، ولو كان غير ذلك لعقد صفقة مع خصومه ، وبقيت مسلة ميشع محتجبة عنا في متحف اللوفر الباريسي .
ثبت د.ضيف الله الحديثات ظهره إلى الحائط،ونوى صادقا أن يحقق أمنيته التي تحولت إلى حقيقة ، بدون الإرتباط بأحد أو إنتظار التوجيهات من أي كان ، بل نوى وخطط وقاد معركته مؤمنا بالله أولا وبقدراته لأن صاحب الحق قوي ، إن هو ثبت في المعركة ولم يهرب قبل أن يسحب عدوه الأقسام.
خاض الحديثات معركة من أشرس المعارك مع دولة كبيرة هي فرنسا ، ومعروف أن باريس من الدول المانحة للأردن ، وهذه الميزة كفيلة بإحباط أي تحرك مضاد لممارسات فرنسا تجاه الأردن ، ولأن الحديثات ليس صاحب إحتمالات الربح والخسارة كما أسلفنا ، فقد شمر عن ساعدية ، وإستمر محاربا شرسا وإستمر يطرق الخزان ، لسنوات ظن الجميع أن لا أحد هناك، وأن طرقاته على الخزان ستنهكه ، وسيذهب صداها في الأثير دوائر صوتية تتسع شيئا فشيئا إلى أن تتلاشى ، شأنها شأن التصريحات العربية الرسمية تجاه القدس وفلسطين .
قبل أيام ، وإبان طرقه على الخزان سمع الحديثات الصوت الذي كان ينتظره ، ووافقت الحكومة الفرنسية على إعادة مسلة ميشع المباعة لفرنسا قبل 150 عاما ، ولم تذهب جهوده سدى ،والأهم من ذلك ، أن علينا أن نعتنق مذهب د.ضيف الله الحديثات ، ونتبنى نظريته ، وندخلها في المناهج الدراسية في المدارس والجامعات ، وان نفسح له الطريق كي يتقدم الصفوف ليقود ، فهو مكسب للأردن وغير مكلف ، ولا يفضح،وأن نسير على دربه ، لأن الحقوق لا يتم إسترجاعها من الغاصب إلا بهذه الطريقة ..مواصلة الطرق على الخزان ، وتكثيفها ضربة بعد ضربة .
المضحك المبكي أو المبكي المضحك لا فرق أن وزارة السياحة في الأردن وهي صاحبة الولاية على مسلة ميشع وكافة تراث وآثار الأردن وذهبه المدفون تحت الأرض منذ آلاف السنين ، قد إستدعته بعد أن علمت بفلاح جهوده الفردية كمواطن مخلص لوطنه ، ووجهت له الشكر .............
السؤال ماذا لو قلنا الأردن أولا بما تعنيه هذه العبارة من معنى ، وليس الركون إلى معناها السياسي الضيق ، ووضعنا جميعا ظهورنا إلى الحائط ، وأكدنا أن العلاقات مع إسرائيل يجب أن تنتهي وان ينفصل الأردن الرسمي عن هذه العلاقة غير المشرفة ، فلم يأتينا منها إلا كل ما يسبب الصداع النصفي والعمى ، وآخر ممارسات إسرائيل المحرجة للأردن إستمرار العبث في القدس والأقصى والمطالبة بإعادة النظر في معاهدة الذل وادي عربة ..ألم يحرق البن بعد؟