ينظر الجميع باحترام الى الدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية في هذه الظروف وقبلها لحماية الحدود الأردنية والساحة المحلية من اية اختراقات على اي صعيد، وامتلكت الأجهزة على الدوام كل الوسائل التقنية اللازمة لتنفذ مهمتها بنجاح واقتدار، وسجلت اسمها في سجلات المبدعين في الدفاع عن الاردن وامنه وناسه ومنذ سنوات طويلة والزائرون يشيدون بحسن استقبال الاجهزة الامنية لهم في الحدود وفي المطارات .
ولأن النجاح يستلزم المزيد من العمل نضع هذه الملاحظة امام مديرية الامن العام ووزارة الداخلية بعد ان شهدت تكرارا على اكثر من صعيد، فبثمة توقيفات لبعض المواطنين وتأخيرات لقادمين سرعان ما تنتهي بعبارة لا تليق بالاردن واجهزته، تشابه اسماء، فبصمة العين والتقنيات الكثيرة التي بحوزة اجهزتنا الامنية تجاوزت هذه العبارة كما نعتقد، وبقاء هذه الجملة لا يليق بنا على الاطلاق .
الخطأ البشري موجود ويمكن تفهمه واستيعابه حتى مع التقنية الحديثة التي تستوجب تقليل الخطأ الى حدود الالغاء، ولكن عدم تطييب خاطر القادم او المواطن لا يمكن تفهمه واستيعابه، فتوقيف مواطن اردني لساعات تقارب الست ساعات لتشابه الاسماء يستوجب الاعتذار، وكذلك توقيف زائر امارتي يبلغ من العمر سبعين عاما في جوازات المطار لاكثر من ثلاث ساعات يستوجب الاعتذار وتطييب الخاطر .
فالرجل السبعيني قادم كما يقول الى الاردن الآمن لقضاء اعمال خاصة ومراجعة اطباء الاردن المشهود لهم بالكفاءة، وهو يملك استثمارات خاصة في اكثر من عاصمة اوروبية واسيوية ، وجاء للعلاج والسياحة والاستثمار ، قبل ان تصدمه جملة تشابه الاسماء التي انتهت في كل العالم كما قال، والانكى ان الرجل تعرض الى تعطيل على جهاز الجمارك بحجة طلب تفتيش حقيبته الشخصية يدويا ، ولما اجاب رجل الجمارك بأنه تحتوي اغراضه الخاصة اجابه «خلّينا نشوف اواعيك» ، وللاسف لم يجد الرجل من يقزم بترطيب الموقف وجبر خاطره .
قبل فترة تعرّض زميل للتوقيف لمدة ربع يوم وبعد اتصالات طويلة جاء الرد بالحرف « يا أخي تشابه اسماء «ولم يعتذر احد من الرجل الذي قضى في نظارة التوقيف ربع يوم ، وسمعنا قصصا اكثر من ذلك وتبررات طويلة وكلها تنته بجملة تشابه اسماء ، رغم ان الاردنيين يتميزون بأرقامهم الوطنية غير المتشابهة ابدا ولدى اجهزتنا الشرطية كل الامكانات التقنية التي تمنع هذا التشابه او تقضي عليه .
نجاحات الاردن الامنية ومستوى ضبط المجرمن وتحقيق العدالة مرتفع على اقطار متقدمة ، ونعرف كفاءة اجهزتنا الشرطية في تعقب المجرمين وكشف الجرائم ، فلماذا تبقى هذه الهالة السوداء موجودة ، واذا وقعت فلماذا لا نقوم بإمتصاص غضب الشخص الذي تم الحاق الاذى به لتشابه الاسماء ، حتى يخرج راضيا او قلل الغضب .
في الاردن ثمة فارق يتميز به عن كل اصقاع الدنيا بأن الرُتب المتقدمة في الاجهزة الشرطية والدوائر المعنية اكثر تسامحا واستماعا للمواطن من الرتب الدنيا ، وهذا امر يتطلب مزيدا من تأهيل مرتبات الامن لمعرفة امتصاص غضب المواطن والزائر فنحن ننشد تعميق الاستثمار ومقدم الزائرين ويقوم الملك بجهد خرافي من اجل ذلك ، علينا اكمال جهده وعمله .
ربما يكون ما حدث خلل فردي وهو الاقرب الى المنطق والمشاهدة الحيّة لجهود دوائرنا الامنية ، ولكن علينا متابعة هذه الاختلالات الفردية حتى لا نخدش صورة الاردن الذي يحتل مكانة مرموقة بين شعوب المنطقة والعالم والاهم تدريب الافراد على مهارة امتصاص الخطأ وجبر الضرر بطلمات طيبة لا تكلف شئا بل ترفع من امننا واحترام الاخرين لنا .
(الدستور)