تعطي أرقام الموازنة العامة عن الشهور التسعة الأولى من هذه السنة قراءة مختلطة ، فالإيرادات المحلية ارتفعت بنسبة 2ر19% وهذا حسن ، ولكن النسبة قد تنخفض قليلاً إذا استبعدنا المقبوضات غير المتكررة من رخص الاتصالات. لكن السؤال يدور حول النفقات المتكررة التي ارتفعت بنسبة 8ر10%.
لماذا تسمح الحكومة للنفقات الجارية بالارتفاع بهذه النسبة التي ُتقارب ضعف نسبة النمو الاقتصادي بالأسعار الجارية ، علماً بأن هذه النسبة قد ترتفع لو سددت وزارة المالية جميع التزاماتها المستحقة للمقاولين والموردين وغيرهم.
بالنتيجة فإن عجز الموازنة انخفض كما كان مقرراً ، خاصة وأن المنح الخارجية ارتفعت بنسبة 1ر18% عما كانت عليه في نفس الفترة من السنة الماضية.
أداء الموازنة العامة لهذه السنة يؤشر إلى ما سيحدث لموازنة السنة القادمة ، فليس هناك تغييرات تذكر في السياسات المالية والاقتصادية المطبقة ، ومع ذلك فإن وزير المالية حصل على موافقة الرئيس على أن لا تزيد مخصصات النفقات الجارية في موازنة 2015 عن المستوى الذي وصلت إليه في 2014 ، إلا بمقدار الزيادات السنوية ورواتب الموظفين الجدد في الصحة والتربية. أي تجميد النفقات الجارية عند مستواها الحالي.
هل تستطيع الحكومة أن تحقق هذا الهدف ، أي أن تجعل نسبة نمو النفقات الجارية في العام القادم في حدود 3ر2% فقط ، مما يعني عملياً تثبيتها بالأسعار الثابتة. الالتزام بهذا الوعد الحكومي يشكل هدفاً صعباً فهل تلتزم به الحكومة.
ُيذكر أن معدل الاعتماد الذاتي ، بمقياس تغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية ، ارتفع من 5ر83% إلى 8ر89% ، ولكن هذه النسبة ما زالت دون الطموحات ، فمن غير المقبول أن تعتمد الحكومة في تغطية كل النفقات الرأسمالية وجانب من نفقات التشغيل الجارية من القروض ، ولا يجوز الاعتماد على المنح الخارجية والقروض إلى هذه الدرجة.
خلال الشهور التسعة الأولى من هذه السنة بلغ عجز الموازنة بعد المنح 1ر561 مليون دينار ، في حين ارتفعت المديونية بمقدار 1389 مليون دينار ، مما يدل على أن خسائر الكهرباء والماء التي ُغطيت بقروض وكفالات حكومية بلغت 828 مليون دينار ، أي بمعدل يناهز 1ر1 مليار دينار هذه السنة ، مما يرفع العجز الكلي إلى أكثر من مليارين من الدنانير أو حوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي.
(الرأي)