معرفة الله منجاة من عقابه
شحاده أبو بقر
11-11-2014 09:54 PM
في الموروث الشعبي البسيط يتداول العامة الكثير من الحكم ذات المدلول الصحيح ، ومن ذلك قولهم مثلا ً لا تخف ممن يعرف الله ، وأحذر ممن لا يعرفه ً ، والحقيقة أن في ذلك عين الحكمة وسمو قوة المنطق معا ، ومعرفة الله جل في علاه حق معرفته ، هي القانون الاساسي الذي يحكم سلوك الافراد والجماعات ، فمن عرف الله وإقترب في تفكيره من إدراك مدى عظمته سبحانه أو تصور في كيانه كإنسان عظمة هذه العظمة ، لا يمكن الا أن يخشاه في قوله وعمله ، ومن في المقابل جنحت به الدنيا الغرور وزينتها ومغانمها عن مجرد اليقين بأن الله بالمرصاد وأن الموت والحساب آتيين لا محاله ، وفي لحظة لا احد يعلمها سواه جلت قدرته ، خان نفسه ونسي او هو تناسى مخافة العزيز الجبار في القول والعمل ، وظلم ذاته قبل أن يظلم سواه .
كبار في حاضرهم ومستقبلهم اؤلئك الذين قدروا الله حق قدره ، ورأوه حاضرا عند كل لفظ او سلوك او أداء ، ومساكين صغار في المقابل أؤلئك الذين غاب عن بصيرتهم هذا الثابت الذي لا ثابت في الوجود مثله ، فتراهم وقد أطلقوا العنان لأنفسهم في التزاحم على الدنيا ، وفي حديث اللغو والأستغابة والهمز واللمز وظلم الآخر ، لا بل ترى السعادة في وجوههم ومتعة الحديث بادية عليهم وهم يتهمون هذا ويشتمون ذاك ، ويسعدون اكثر ربما بإقصاء هذا أو ذاك ، فقد مارسوا ما يسمونه ً الفهلوة ً وهم بها سعداء .
الذين عرفوا الله العزيز الجبار هم بالتأكيد الاقل خطأ والاكثر ورعا وهم والله أعلم الفائزون بمرضاته سبحانه في الدنيا والآخره ، والخفيفون الذين جانبهم الصواب هم الاكثر خطأ والاقل ورعا وهم والله اعلم الخاسرون في الدنيا والآخره ، والذين عرفوا الله هم الاقوى والاكبر والاجدر بإحترام العامة حقا لا نفاقا ، وهم من وصفهم الكبير المهيمن سبحانه بأن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، والذين جهلوا وضلوا وتباهوا بالدنيا هم الاضعف والاصغر والاجدر باحترام العامة ولكن نفاقا وحسب ، وهم مساكين سلبيا ، وعليهم أن يخافوا وأن يحزنوا وأن لا يطمئنوا ابدا ، فعقاب الخالق ذي البطش الشديد قد يأتي في اية لحظه ، يوم لا ينفع ندم او تحسر على ما فات وإنقضى .
خلاصة الكلام الحق بإذن الله ، أن لا نخاف الا الله ، وان نحذر من غدر من لا يعرفونه سبحانه ، فهؤلاء ضالون لا يؤتمن لهم جانب حتى وإن تظاهروا بخلق قويم ، وليس في قواميسهم مهم الا مصالحهم ، ولا ضير عندهم ابدا في ممارسة الخذلان والنفاق والإساءة ما دام ذلك يخدم مصالحهم الواهية آنيا ، اما من عرفوا العظيم حق المعرفة وأتقوه وخافوا سخطه وعقابه ، فإن الامن والامان عندهم وفي جانبهم ويصعب عليهم كثيرا الغدر والنفاق والظلم وإيذاء خلق الله في أرزاقهم وسمعتهم ومصالحهم ، وشتان بين هؤلاء وأولئك عند واحد أحد لا يظلم عنده احد، ومن يعرف الله ينجو ومن لا يعرفه يغرق لا محالة ولو الى حين ، وليس سرا ابدا ان المؤمن الحق قوي شجاع وأن الضال ضعيف مهزوم ، وتلك سمة ادركها العامة عبر تاريخ البشرية كافه ، والله من وراء القصد .