لم أسمع من قبل أن أحد أساتذة الجامعات كان قد تقدم من رئيسه طالبا التطوّع المجاني بتقديم يوم عطلته الرسمية ليقوم بمناقشة مباحث المواد المُقرّرة مع طلابه.
ولم أسمع من قبل أن أحد معلمي المدارس الحكومية تقدم من مديره طالبا الموافقة له لتدريس طلابه مجاناً خلال عطلته الرسمية.
ولم أسمع من قبل أن وزيرا قرّر القيام بتقديم يوم عطلته الرسمية مجانا ليقضيه في مكتبه الفاره لينجز أعمالا تراكمت من أجل عيون الوطن.
لا بل سمعت عن تذمر العديد من المسؤولين من طول ساعات الدوام الرسمي, وسمعت عن أولئك الذين ينهبون وقت الوطن والمواطن ليلتحقوا بجاهة، أو بوليمة أقيمت على شرف معاليهم,وعطوفتهم,وسعادتهم بعيدا عن مراكز أعمالهم بمئات الأميال.
لم أسمع من قبل أن مسؤولا حكوميا قرر استبدال فرح أسرته بعذاب أسرة الوطن ألأكبر عددأ, والأكثر همّاً آناء عطلته الرسمية التي هي حق له.
لكنني سمعت, وعرفت أن رئيس قسم الكلى, والمسالك البوليّة في مستشفى "حمزة" الحكومي الطبيب "جمال الشلول" فعلها, حين لاحظ أن أعداداً غفيرة من مرضاه يقطنون "مادبا" وضواحيها, ولأن إنسانيته تدعوه لمصادقة مرضاه, ومشاركتهم عذاباتهم فقد تقدم من وزيره في الصحة طالبا منه الموافقة على تقديم يوم عطلته الرسمية من كل أسبوع ليرتحل من عمان مبكرا وبسيارته الخاصة نحو مستشفى النديم الحكومي ليقضي ساعات طويلة مع مرضاه هناك ليخفّف عنهم عناء السفر, وتكاليفه, وعناء الإصطفاف ضمن طابور لا ينتهي قبل انتهاء ساعات الدوام الرسمي في مستشفى حمزة والمكتظ على مدار الساعة.
لو كان الطبيب "الشلول" يملك عيادة خاصة, أو يعمل لدى مستشفى خاص, لما كتبت عنه حتى لا يُقال بأني أروّج له ولمستشفاه, ولو كان "جمال الشلول" ينوي الترشح لمجلس النواب لما كتبت عنه لأنه وكما أعرف ينتمي لشريحة لا تؤمن بالخطابة بل بعمل ما يُرضي الله, ولأنه ليس من هواة ركوب العربات المعفاة من الرسوم الجمركية.
أكتب عن "جمال الشلول" ليكون حافزاً, ومثالا لمن أراد حقا أن ينتمي لإنسانية فقدناها منذ أن صارت أرصدة البنوك,والكراسي,والجاه هو الهدف والمطمع الذي اغتال إنسانيتنا!