بالامس دعيت لالتقي وفي بيت الرواد الكبار بعشرات الشباب الحالمين بان يقوموا بشيء له قيمة.. غالبية الحضور من اطراف البلاد ممن لم لا تسمح اعمارهم بحيازة رخص السوق لكنهم جاءوا ليتحاوروا مع جيلنا في تمرين نظمه احد اقدم العاملين في العمل التطوعي والالتزام به.
لم يفقد عصام الزواوي متعة التبشير بمستقبل افضل منذ ان تخرج من الاردنية في منتصف الستينات من القرن الماضي وما زال يتناول الموضوعات بنفس الايمان والحماسة رغم الاخفاقات التي شعر بها ابناء جيله الذين رحلوا او آثروا الصمت.
لقد دعاني الصديق الزواوي لأعلق على المبادرات التي اطلقها الشباب في معان والطفيلة وعمان وعبر المحافظات ولنستمع جميعا لما قد يقوله الرواد الكبار الذين حضروا ليقولوا للشباب ما لا قد يتاح لهم سماعه من اقرانهم فمعظم الرواد الحاضرين امضوا ربيع عمرهم في خدمة مجتمعاتهم ودول الجوار قبل ان تخذلهم مشكلات الشيخوخة وفراغ اعشاشهم الاسرية برحيل الازواج وانشغال الابناء.
في لقائنا الذي امتد لاكثر من ساعتين قدم الشباب عروضا عن مبادرات؛ في مجالات التطوع والعمل الاجتماعي مع المسنين والمعاقين والايتام.. تحدثوا عن آليات العمل وبناء المشاريع وانشطتها ومشاكل التمويل ومعوقات العمل وتطلعاتهم لتطوير المبادرات.
في الحالات السبع التي تم عرضها ابدى الشباب طاقة ايجابية عظيمة ومفرحة...
وتحدثوا بلغة لا تختلف عن لغة السياسيين وهم يعرضون مشروعاتهم امام مؤسسات التمويل التي استوعبت مصطلحات التنمية الصورية التي يتحدث عنها البنك الدولي والدول المانحة.. فكانت اصطلاحات التمكين والمشاركة والشفافية والرؤيا والمهام وبيئة المشروع وانشطته وتقييمهم للآثار التي قالوا انها اسعدت كل من لامست حياتهم.
السيدة هيفاء البشير التي امضت خمسة عقود في العمل التطوعي وتأسيس المشروعات كانت حاضرة هي الاخرى لتتحدث عما قامت به والصعوبات التي تواجه الاسرة البيضاء التي تحتاج الى متطوعين لتنظيف المساحة الحرجية المحيطة بالمبنى.
بالرغم من الجمال الشكلي للفعالية والعروض وحماسة الشباب الا انني شعرت بالانقباض الذي سيطر على مزاجي معظم اللقاء فقد كنت حزينا على الشباب الذين ادخلناهم في نفق المبادرات لعجزنا عن ان نعمل شيئاً او لنلهيهم....
قال بعضهم ان اهم العقبات التي يواجهونها تتمثل في محاولة اقناع المؤسسات الشبابية في التعاون وعدم تفهمهم لما يقوم به الشباب.. معظم الذين يديرون المراكز الشبابية لا يحملون مؤهلات جامعية ولا يتفهمون حاجات الشباب مما يدفعهم للبحث عن تمويل خارج حدود المكان.
بعد ان فرغ الجميع من عروضهم جاء تعليقي الذي تلخص بتقديري لما يقوم به الشباب مع ان ذلك يذكرني بمن يتسلى بفصفصة البزر وهو يتضور من الجوع معتقدا ان مجموع حبات البزر ستوصله لحالة الشبع.
مشكلاتنا كبيرة وتتعمق كل يوم.. وادخلنا شبابنا الطموح في دهاليز المبادرات.. فاصبحوا يجيدون العرض وينسون الابعاد الاخرى.. المجتمع بحاجة الى خبز وعدل وكرامة.. وليس الى ابتسامات بلهاء.. ومصطلحات غير واضحة المعاني وحماس لا يشهد عليه انجاز.
التمكين.. كلمة فقدت معناها.. الشباب بحاجة الى ان يتمكنوا من وظائف حقيقية وادوار ذات معنى وليس من جمل واصطلاحات لا دلالات لها على الارض.. المشاركة لا تعني ان يتحدثوا بل ان يسمع لهم ويؤخذ برأيهم.. في النمسا والمانيا وبلجيكا شباب في العشرينيات مدراء ووزراء ونواب.. ولدينا شباب دخلوا عقدهم الخامس ولم يختبروا مذاق العمل المنتج.