معارضة أردنية تناقض ألوان العلم الأردني ..
11-11-2014 02:49 AM
قبل البدء أحاشى القلة من المعارضة الأردنية الوطنية الرصينة من هذا العنوان الصادم، لكن أعلى المعارضات الاردنيه صوتاً أو أصواتاً منذ زمن هي المعارضات التي بناؤها الظاهر والخفي يقوم في عمقه على واحدةَ أو أكثر من التوضّعات الجيولوجية (السياسية) المتكلسة الخطرة التالية: أولها يقوم على عدم الإيمان بالأردن وطناً وهدفاً ومصيراً.
أما التوضّع الثاني فيقوم على عدم الإيمان بالنظام الأردني تأسيساً ومنطلقاً وصيرورة وضمانة وحيدة لمستقبل الأردن.
وثالثها يقوم على عدم الايمان بالمواطن الأردني هوية ورؤية وتوجّهاً ومستقبلاً.
أما رابعها فيقوم على عدم الاعتراف الضمني بالدولة الأردنية إن لم تحقق طموحات أدعياء (الحقوق المنقوصة) المتزايدة باطًراد.
والتوضّع الجيولوجي الخامس المتكلًس يقوم على عدم الإيمان بمستقبل الدولة والنظام من قبل كل ألوان الحرس القديم ان لم تبقَ لهم الصدارة حتى وهم في قبورهم، وهم من أشباه السياسيين السابقين وأشباه الإداريين وأشباه العسكريين، ممن وُضعوا على الرف المرتعش مثل أيديهم بعدما مردوا من قبل سنين على إفساد الوطن والنظام والفضاء العام، فهم يرون لانتفاخ ذواتهم أن لا دوله ولا نظام يُؤذن لهما بالقيام دونهم قاده أبديين للأنام!
ومما لاشك فيه أن هنالك العديد المديد من التوضّعات الجيولوجية المتكلّسة أو المتحجرة سياسياً للمعارضات الأردنية غير التي أوردتها هنا، وهي كثيرة الأسماء فارغة المحتوى لكن أغلبها يطفو على هوامش التوضّعات المذكورة هنا، وهي تتداخل وتتواصل كطبقات في طبقات كأنها أرض سياسيهٌ متداعية حلّت بها الزلازل والهزّات. ورغم ذلك، فكل من قادة هذه التوضّعات يود صناعة أردنه هو على عينه هو، وليس أردن الأردنيين كما يريد الأردنيون الأنقى فطره منّا جميعاً.
فالتوضّع الجيولوجي الأول للمعارضة الاردنية العريقة (من العرق بأنواعه وليس العراقة) أنها لا تؤمن بالأردن وطناً وتاريخاً وجغرافيا، بل تراه مجرد ساحة من اجل أوطان أخرى وأهداف أخرى وتهيؤات سياسية هلامية أخرى، وهي أطياف سياسية شتى من قومجية بألونها إلى يساروية بأنواعها إلى إسلاموية بتشكلاتها، والقاسم المشترك غير البسيط بينها أن تصلّب الشرايين منذ عقود قد أصابها مع تصلّب المفاصل والأفكار وفقدان المدار وتنامي موجبات الانجرار إلى مهاوي كل جرف هارٍ، لكن سوء حظ الأردن إن الأنفاس لا زالت فيها تذهب وتعود على شكل أحزاب وأفراد بلا حدود!
أما التوضّع الجيولوجي الثاني للمعارضة الأردنية الاستعراضية فهي لا تؤمن بالنظام الأردني، ولا بالأسس التاريخية التي قام عليها، ولا بالتطورات النوعية التي جعلته فعلاً لا قولاً أكثر ديمقراطية من كل أنظمة الدول العربية المحيطة بنا رغم كل المحددات والاكراهات الاقتصادية التي تحكم قبضتها علينا.
وهذا النوع من المعارضة السياسية يتداخل مع التوضّع الأول ومع خليط من أطياف أخرى وجدت في غفلة من الزمن أن عملة المناداة بعدم الإيمان بالنظام الأردني عمله رائجة عند ذوي العقول المرتجة ممن لا يمثلون شعبنا ولا مستقبل وطننا، وكل ذلك من أجل ذئب الشهرة ونمر الاتصاف الزائف بالجراءة, رغم أن الذئب يعوي من أرق والنمر يظهر من ورق, ولو كان أغلب هؤلاء الشجعان في دولة عربية أخرى لشطبوا من سجل الأموات قبل الأحياء, بل لو كانوا في أكثر الدول المتقدمة ديمقراطية وحقوق إنسان, وتجرأوا بالتصريح بأنهم لا يؤمنون بالنظام هناك، عندها سيتحالف الشعب بفضائه العام مع القضاء والنظام للقضاء عليهم، واجتثاث شأفتهم من جذورها!
أما التوضّع الجيولوجي السياسي المتكلس الثالث للمعارضة الأردنية فأساسه عدم الإيمان بالمواطن الأردني, مع تشويه متعمد لتعريف من هو الأردني, وبعض المعارضات العدميّة منها تصنف المواطن الأردني تصنيفات تفتت الذات, وتسحق الصفات, وبعضها الأخر ترى أن الشعب الأردني شعب من الأطفال لا يعرفون الصالح من الطالح في حياتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, على أن هؤلاء المعارضين الأفذاذ هم رسل الأرض والسماء لإنقاذ الشعب الأردني من سذاجته ومن عدم معرفته بصالحه وصالح وطنه, وهو بذلك بأمس الحاجة لهؤلاء المصلحين الكبار الذين طالما تخيلوا أنفسهم بديلا أصيلا عن الشعب الأردني على أنهم وحدهم المبصرون والشعب اعمي, وهم يدرون أو لا يدرون أن الشعب الأردني لا يعيرهم اهتماماً و لا يؤمن أصلا بوجودهم، بل ولا يراهم إلا في كوابيسه أحياناً !
أما التوضّع الجيولوجي الرابع المصاب بالطي والثني الجيولوجي للمعارضة الأردنية التي تقوم على شبكه متداخلة من طموحات بعض أدعياء (الحقوق المتقوصة) بتنصيب أنفسهم زوراً وبهتاناً محامين عن شريحة كبيرة ومهمة ومقدّرة جداً من شعبنا الأردني, لكن هذه الشريحة المحترمة تنكرهم وتستنكر معارضتهم الاستعراضية واستعاناتهم المشبوهة بالسفارات الأجنبية، وتعلم أن هؤلاء الأدعياء بلغوا أعلى مفاصل الدولة الأردنية، وقد جعلهم النظام من عظام رقبته لعقود، لكنهم لا يكتفون إلا بترجمة الوطن والنظام ليكونا ركوبة طبيعية لطموحاتهم غير المحدودة باسم الحقوق المنقوصة، رغم أن الوطن لأغلبهم ليس إلا فندقاً وهوية مرحلية!
أما التوضع الجيولوجي الخامس غير المتواضع للمعارضة الأردنية فهو يقوم مركزياً على أصوات الحرس القديم من كبار المتقاعدين من سياسين وإداريين وأكاديميين وعسكرين ممن شعروا ويشعرون أن الأردن رغم كل المعيقات يتشكل ويتطّور ويفلت من بين أيديهم المرتعشة، وهم ينسون أو يتناسون أنهم نالوا الحظوة لعقود من السنين وساهموا في الإفساد أكثر من البناء في الوطن الذي يتجاوزهم، ولذا فإنهم لا يتوانون أذ ينادون بالويل والثبور وعظائم الأمور لأنهم خارج مسرح القرار، كأن الوطن لم يخلق إلا من أجلهم ولا يسير إلا بهم، وهو لا سمح الله ضائع دونهم. وبعضهم ارتأى ويرتئي أن دمغة المعارضة المؤطرة (بانتصاراتهم) المدوية السابقة لا بد من أن تُكسبهم عند شعبهم جاهاً اضافياً وتجعلهم يتوهمون أنهم يملكون دماء جديدة في خريف العمر وشتاء الفكر، وعلى أنهم هم وحدهم المؤهلون لمزيد من الترضيات المجزية على حساب الوطن وأهله استغلالا لمرونة النظام في تعامله مع الجميع ولا سيما حرسه القديم!
ورد هنا هو غيض من فيض في شأن تكلّسات التوضّعات الجيولوجية لطبقات المعارضة الأردنية المتفاصلة مع الشعب الأردني منذ عقود، والحمد لله أن قافلة الوطن تمضي بتكاتف الشعب بقواه الحية مع القيادة، ولا تلتفت لعويل غيلان معارضات تحوّلت إلى طبقات لا تظهر مكوناتها إلا بالحفريات، وتفصيل الأمر في شانها يحتاج إلى كتب وأبحاث وأطروحات، وذلك لطرح وأطراح شعبنا لها جملة وتفصيلاً، وشعبنا الأصدق طوية في خياراته وتوجهاته منا جميعاً هو الفيصل، فمن أراده شعبنا اتصل ومن أباه انفصل...
لكنني قبل ذلك وبعده أدعوا الانقياء من شبابنا المتوهمين، والمتوسمين الخير في تكلسات جيولوجية تلك المعارضات أن اقفزوا من مراكبها المارقة الغارقة، وانفضوا أيديكم الطاهرة من الولاء لأشباه الربابنة، فلطالما خبرتهم جميعاً منذ الشباب وتفاعلت معهم طويلاً دون أن يحركني ذلك للانتماء لأي منهم، لانهم يدورون خارج مدارات الوطن منذ زمن!
فأكثر من ثلاثة عقود تكفي لأن أرى معارضاتنا الاستعراضية الأعلى صوتاً في الوطن على حقيقتها، وأن أرى دسائسها والتواء أهدافها ومناقضتها الراسخة المستمرة لألوان العلم الأردني، وأن أتأمّل طويلاً في ادعاءاتها بالوطنية وأغلب قياداتها لا يؤمنون بالوطن ولا بالنظام ولا بالشعب الأردني، ولا رب لها إلا ذاتها ومملو حملاتها.
فيا شباب الأردن النقي اقفزوا من مراكب المعارضات العدمية لكي تعارضوا وتوالوا وتحاربوا الفساد والفاسدين بكل ألوانهم حتى المعارضين منهم من أجل الأردن والشعب الأردني والنظام الأردني المهم لبقاء الأردن كأردن في زمن تفتت الأوطان من حولنا، اقفزوا قبل أن تضيع البوصلة، وقبل أن يعود الأردن مضطراً إلى الاختيار والتوظيف كما كان زمان كلوب باشا حسب النطق بالبصلة، اقفزوا من المراكب النخرة ليخرج الأردن بكم من أزمان الرويبضة ومن زمن الناطقين باسم العامة وهم لا يؤمنون بالعامة، ولا بالخاصة ولا يؤمنون بالوطن خاصة! وسلام على روح وصفي وهزاع من خاصة الخاصة...