السؤال الكبير :أين الشعب؟
اسعد العزوني
08-11-2014 08:02 PM
يحق لنا التساؤل الآن عن سر عدم إلتهاب الشارع الأردني فرحا وإبتهاجا بالقرار الأخير الذي إتخذه صانع القرار الأردني ، وقضى بإستدعاء السفير الأردني في تل الربيع ، وما تلاه من تصريحات رسمية ، تفيد برغبة صانع القرار الأردني في مراجعة كافة جوانب العلاقة مع إسرائيل ، لأن الأردن ليس بإستطاعته إحترام معاهدة خرقتها وما تزال إسرائيل تخرقها وتخترقها .
ما أتحدث عنه ليس مجاملة ولا سد فراغ ، بل إن النزول إلى الشوارع شيبا وشبانا نساء ورجالا ،وأطفالا وكبارا ، إنما يهدف للضغط على صانع القرار في الأردن ، أن يستمر تصاعديا في تلبية مطالب الشعب الأردني في تحجيم إسرائيل قدر الإمكان ، وصولا إلى طرد السفير الإسرائيلي من الأردن ، وإلغاء معاهدة وادي عربة ، ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ووقف التطبيع بكل أوجهه،لأننا نستطيع العيش بدون جوافا وبدون مانجا وبدون جزر و بدون بطاطا من إسرائيل فكل هذه المنتجات نستطيع إستيرادها من الشقيقتين لبنان ومصر ، وكذلك الغاز.
المطلوب الآن أيضا من صانع القرار الأردني أن يعلن عن إلغاء صفقة العار- الغاز ، وأن يعلن الأردن –أرض الحشد والرباط - أرضا مطهرة من التواجد الإسرائيلي بكل أشكاله العسكرية والدبلوماسية والإستخبارية والزراعية والصناعية .
عند نزول كافة أطياف الشعب الأردني إلى الشوارع ، تكون الرسالة نافرة الحروف للداخل والخارج على حد سواء ، فصانع القرار يشعر بالبهجة والسرور أيضا من الحراك الشعبي المؤيد للخطوة الأخيرة ، وتحدثه نفسه بالمزيد ،أما في حال جمود الشارع الأردني ، فإن المأور تكون عرضة للنكوص في أي لحظة ، وعند أول نفخة ضغط من هنا أو هناك، وينطبق علينا المثل :كأنك يا أبا زيد ما غزيت ...وهنا ستكون الأمور أصعب مما نتصور .
أما الرسالة إلى الخارج فإنها ذات اثر كبير إذ يرى الجميع –وكما هو معروف فإن الأردن مراقب عالميا بصورة ربما لا يتوقعها الجميع ، ويقاس على حراكه عند إتخاذ القرار في دوائر صنع القرار العالمية ،وعنما يروا أن الشارع الأردني هب هبة رجل واحد ، فإنهم سيأخذون ذلك بعين الإعتبار وتكون الضغوط أخف على صانع القرار.
الأحزاب والأطراف الخرى المعنية أثبتت فشلها في التجاوب مع قرار سحب السفير الأردني من تل الربيع ، وكان الأجدر بهم أن يجهزوا انفسهم واتباعهم بعيد إلقاء جلالة الملك عبد الله الثاني خطابه السامي في البرلمان قبل يومين ، لأن ذلك الخطاب السامي ، مهد للقرار الأخير ، ونحن معنيون بالتعمق أكثر في مثل هذه القرارت وصولا إلى إنقاذ الأردن من براثن الغول الإسرائيلي الذي لا يشبع ولا يقدر ولا يحفظ جميلا لأحد.
صحيح أن هناك تخوفا من النكوص ، ولكن لا حظوا معي ردة فعل الإرهابي وزير خارجية إسرائيل ، حارس البارات السابق وغاسل الأموال الحالي أفيغدور ليبرما ن ، الذي نافس معلمه نتنياهو وتحداه في التطرف من أجل الوصول إلى قلوب المستعمرين ، وكان يقذف التصريح تلو التصريح ،وجلها تصريحات سامة مسمومة لأنها تخرج من معتوه رماه القدر الأغبر علينا وزيرا لخارجية الإحتلال ومارس دور المستعمر الشره .
ها هو هذا المستعمر يرتجف ويرتعد خوفا إلى حد الهلع من القرار الأردني الأخير ، ويتراجع عن مواقفة 180 درجة ، ويصف ما يقوم به أتباعه من المستعمرين الشرهين في المسجد الأقصى بأنه إفلاس سياسي ولا يخدم المصلحة العامة.
كافة المسؤولين الإسرائيليين الآن في نفس المرجل يغلون فوق جمر القرار الأردني ،مع أنهم يعلمون جيدا أن الأردن بمفرده لا يستطيع التأثير عليهم ، لكن صانع القرار الأردني صعقهم صعقة ما بعدها صعقة ، وفاجأهم ، وهم كلهم يحذون حذو كبير المستعمرين ليبرمان ويبدون تخوفهم من القرار الأردني .
هذه هي اللغة التي تفهمها إسرائيل ، وهذا ما يتوجب على العرب فعله للتعاضد مع الأردن ودعمه بدلا من هدر الأموال على محاربة وليد الموساد داعش.
المطلوب الآن من الدول العربية الغنية أن تدعم الأردن ماليا ، وتعمل على وضع خارطة طريق إقتصادية لإنعاش الأردن بدلا من الإبقاء عليه هكذا صيدا سهلا لإسرائيل.
الذين لم يتحركوا حتى اللحظة ، تأييدا لقرار سحب السفير الأردني من تل الربيع ، هم المسؤولون عن الإنتكاسة التي ربما قد تصيب الموقف الأردني لاحقا ، عند تزايد الضغوط الخارجية عليه ، وعندها لن يكون من حق أحد المطالبة بشيء كهذا ، ونكون قد أضعنا الفرصة بأيدينا.