تقاسم الغنائم في مجلس النواب!
جميل النمري
07-11-2014 02:40 AM
بعد انتخاب الرئيس والمكتب الدائم لمجلس النواب، لدينا الآن انتخابات اللجان. وأشتم رائحة تقاسم الغنائم، بدل المضي قدما في مأسسة العمل النيابي وفق رؤية موضوعية.
هناك تجمع/ ائتلاف من 5 أو 6 كتل نيابية دعم رسميا رئاسة عاطف الطراونة لمجلس النواب. لكن الرئيس في الحقيقة أخذ من جميع الكتل الأخرى، كما أن هناك من لم يصوت له من الكتل التي دعمته رسميا. وتعليقا على الانتخابات في حوار تلفزيوني، قلت إن كتلتي (التجمع الديمقراطي) ليست عضوا في هذا الائتلاف الذي دعم الرئيس، لكنني أتمنى له بكل جد أن يستمر ويتقوى ويتمأسس، كون هذا ما نحتاجه في مجلس النواب: مأسسة الائتلافات، بحيث يكون هناك ائتلافان أو ثلاثة من جميع كتل المجلس، لأنه لا يمكن التفاهم فرديا بين 150 نائبا، ولا حتى بين 10 كتل. أما إذا تشكلت ائتلافات رئيسة تمثل كل مكونات المجلس، فإنه يمكن إجراء حوارات، والتنسيق حول شؤون مختلفة في حياة المجلس، والوصول إلى قرارات لمعالجة الاختلالات وخدمة العمل العام والتقدم بالإصلاح.
لكن ما أخشاه هو أن هذه الأغلبية التي ائتلفت لانتخاب الرئيس (تساوي 75 نائبا تقريبا، بانتظار التبلور النهائي للكتل)، سوف تستمر لحين توزيع بقية المناصب في المجلس، وعلى قاعدة المغالبة والفوز بالغنائم، وهي حوالي 60 منصبا؛ تمثل رؤساء ونواب رئيس ومقرري اللجان. ولضمان هذا الهدف، يجب أن تكون لها أغلبية الأعضاء في اللجان. ولتحقيق هذا الهدف فيجب إجراء انتخابات للجان والفوز بأغلبية العضوية، وهذا ممكن فعلا إذا تفاهم هؤلاء على المناصب فهناك الكثير مما يمكن به إرضاء جميع الأطراف، بإقصاء ما يقارب نصف المجلس.
بهذه الآلية نعود الى نقطة الصفر، بل إلى ما دون الصفر. فإحدى الأفكار الأساسية للإصلاح في المجلس هي تحول اللجان إلى مطبخ القرار، وإعفاء الحوار تحت القبة من النقاشات العقيمة المطولة، ليكتفى تحت القبة بطرح الاقتراحات البديلة التي لم يؤخذ بها في اللجنة المعنية. وهذا يتطلب أن تتشكل اللجان على أساس تمثيل الكتل، وليس عشوائيا بالفزعة الانتخابية. فاللجان بوصفها مطبخ القرار، يجب أن تكون جميع الكتل ممثلة فيها، بحيث يعود العضو إلى كتلته لوضعها في صورة الأمور المطروحة داخل كل لجنة، فيذهب الجميع تحت القبة ولديهم تصور واضح حول القانون والقضايا الخلافية والبدائل المقترحة. من أجل ذلك تم تعديل النظام الداخلي لينسجم مع هذا التوجه.
كان النظام الداخلي ينص على انتخاب اللجان تحت القبة، فتم عند أول تعديل للنظام الداخلي إضافة بند يقول بتوزيع عضوية اللجان على الكتل على قاعدة التمثيل النسبي، إذا ما حصل توافق على ذلك. ولم يغير هذا التعديل في شروط اللعبة؛ إذ بقي التنافس الانتخابي والتشكيل الفوضوي للجان هو الذي يحدث. فتم إجراء تعديل جديد يقول البند الأول فيه إنه يجري تشكيل اللجان على أساس التمثيل النسبي للكتل. هكذا أصبح الأساس، ثم يأتي البند التالي ليقول إنه في حالة عدم التوافق يتم اللجوء إلى الانتخابات.
هذا البند يعني أنه ابتداء يجب أن يقوم المكتب الدائم بالطلب من الكتل تنسيب ممثليها إلى اللجان. ثم إذا أصر المزيد من النواب على ترشيح أنفسهم لبعض اللجان فرديا، وفوق العدد المقرر لعضوية اللجنة، تجرى انتخابات لهذه اللجنة. لكن مع الأسف، كأن الرئيس والمكتب الدائم نسوا هذه القاعدة، فدعوا مباشرة الأعضاء لتسجيل أنفسهم للجان، وبدأت مفاوضات جانبية لتقاسم الكعكة بين بعض الكتل.
إذا مشت الأمور بهذه الطريقة، سيكون أمرا محزنا للغاية؛ إذ تنتصر عقلية الغنيمة على عقلية الإصلاح المؤسسي.
(الغد)