الأردن وقفة مراجعة
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
06-11-2014 07:18 PM
اعتقد ان النقد البناء الذي يحافظ على ادب الخطاب ضروري سواءا كان النقد موجها للمؤسسات او الحكومه او الشعب.
لكن اي نقد يجب ان يبتعد عن المزايده او الابتزاز الاعلامي او السياسي و ان يكون موجها لاصلاح اي خلل في بنية المكونات الوطنيه بهدف تمتين الجبهه الداخليه و المحافظه على البلد. اسوق هذه المقدمه لقناعتي ان دروس الربيع العربي الذي عبره الاردن بأقل الخسائر لم يتم استيعابها.
ففي الوقت الذي تتعامل الدول و الشعوب المحيطه مع الاردن من منطلق مصالحها ما زال هنالك قطاع من الاردنيين يريد من الاردن ان تتعامل من منطلق العواطف.
ان اي نقد بناء يصب في بوتقة الانتماء للاردن لا بد ان يكون ضمن ضوابط و اهم هذه ان الانتماء للبلد لا ينفصل عن الولاء للقياده الهاشميه ليس من منطلق النفاق و المزايده و لكن كمصلحه اردنيه عليا. و هنا لو وضعنا سيناريو نظري بأن يقرر جلالة الملك و العائله الهاشميه التخلي عن مسؤولياتهم و ترك الحكم فمن هو الرمز او الحزب او العشيره او المنطقة التي سنلتقي عليها و نثق بها لتحكم البلد. انا سأجيب اننا سننقلب شيعا و جماعات و حكومات و فوضى, هذا ان لم تسفك الدماء و ان لم نصبح مطيه لكل جماعه او بلد او طائفه.
اذا فان الولاء لسيد البلاد هو مصلحه اردنيه و تمثل العائله الهاشميه نقطة التقاء و صمام امان حتى لو اختلفنا مع بعض السياسات فهي ضمن ما هو متوفر امامنا من معلومات و لكن القرارات الكبرى تنطلق من حقائق و معلومات متوفره لصاحب القرار و لا يمكن بالتأكيد ان تكون مشاعا للاعلام او الناس.
اما الحكومه فانني اقولها بصراحه ان سياسة الحكومه الحاليه ستعاني منها الاردن لاجيال لانها معتمده على ما يشبه الاقتصاد المنزلي و زيادة الموارد من جيوب الطبقه الوسطى. هذه الطبقه التي تمتد من المعلم الى الضابط الى الموظف الى الطبيب الى المهندس و المحامي و الاستاذ الجامعي تمثل ميزان المجتمع و دعامته الحقيقيه فهي في كل المجتمعات الطبقه التي تحافظ على القيم و الابداع و التواصل مع الطبقات ذات الدخل المتدني و لم يفسدها ترف الطبقات الثريه.
رغم اني لست خبيرا اقتصاديا و لكن القاعده البسيطه ان زيادة الموارد الزراعيه و الصناعيه و الاستثماريه حتى لو بالتوسع بالانفاق اقدر على حل المشاكل من الايغال في تذويب الطبقه الوسطى.
اما المجلس النيابي فرغم وجود عدد من المخلصين للوطن و ذوي العقل و المتنورين و لكن بالمجمل ليس المجلس الذي نأمل. المجلس هو رمز اردني و هنالك اداب و انضباطيه و ادب في التعامل ان خدشت ستعطي للكثييرين المبرر للعنف سواء اللفظي او السلوكي. غير مقبول على الاطلاق من النائب استخدام يديه او الفاظ غير مقبوله او العنتريات او المزاوده لكسب شعبيه ضيقه.
المفروض ان يكون مجلس النواب رديفا للحكومه و عونا لجلالة الملك و للشعب ليس ضمن خدمات ضيقه بل خطط و افكار و توعيه للقواعد الشعبيه و تعميق الانتماء للاردن ككل و ليس تقسيم البلد الى كنتونات و مناطق نفوذ و استقواء فالاردن اهم من الجميع و الكل متغير لكن الاردن باقي و هو مستقبل ابناءنا و احفادنا و لن يستطيعوا النهوض به الا اذا اتحدت السواعد و عمل الجميع للاردن ككل و ليس لمصالح سخصيه او مناطقيه او فئويه.
الجيش الاردني دعمه واجب وطني و الجندي الرابض في خندقه قدم من صحته و من معاناة عائلته ما لم يقدمه اي منا ممن ننام على سرير وثير لنصحو و نتذمر من البلد و اجهزته. تلك الاجهزه التي لولاها بعد رعاية رب العالمين لما استطعنا النوم او الاطمئنان على ابنائنا و بناتنا و التي اشبعناها تذمرا و نقدا ايام الرخاء لنجد انهم القابضين على الجمر ايام الشده.
اما الشعب فانا فيه محتار. ما الذي نريد ننتقد النائب ثم نعيد انتخابه. ننتقد المسؤول ثم نضع عليه كل الضغوط و الابتزاز للواسطه حتى و نحن نعرف انها ليست حق لنا. ننتقد رفع البنزين و عشرات الالاف من السيارات يقودها شباب غير منضبط و يحرق البنزين و ينغص حياة الجميع. ننتقد اطلاق النار و المواكب و عند اي مناسبة لنا نمارس نفس من انتقدناه البارحه من غيرنا. ننتقد لماذا العامل الوافد يعمل عندنا و لا نريد ان نعمل عمله. ارضنا اصبحت بور و ننتقد السياسات الزراعيه.
نريد ان لا نعمل و نريد عيشة رغيده مترفه و هذه لا تكون في بلد ليس نفطي. انا شخصيا لم اصل لشئ في موضوع الشعب الذي انا منه. اين هي المرجعيه الاخلاقيه و القيميه التي نرجع اليها. لماذا الاردني في الخارج مستعد ان يعمل في كازيه او مطعم و في الداخل تأخذه العزة بالاثم. لماذا نلتزم بالدوام خارج الاردن و في الداخل نبتدع الوسائل للتهرب. في مقالة قادمه ساكتب باسهاب اكثر برؤيتي او اجتهادي للاصلاح في هذا الموضوع.
الاعلام موضوع يحتاج مراجعة حقيقيه فقد رأينا كيف اصبح البعض يبتز و يزايد و ينظر على البلد و الشعب و القياده و رائحة الفساد تنتشر منه كنافخ الكير. حرية الاعلام لا تعني الاسائه للاشخاص او المؤسسات او اغتيال الشخصيات او خلخلة ثقة المواطن بمؤسساته و رموزه.
و لا يجوز ان يستخدم اعلامي منبره للاساءه الى مستشفى او جامعه او مؤسسه لانه لم يحصل على ما يريد. الاعلام المنضبط هو اعلام ينتقد نقدا بناءا ملتزما بادب الخطاب دون اساءه او استغلال و يعمل على تعميق الانتماء و الوعي ضمن ضوابط و مصالح الدوله الاردنيه.
الاعلام بكافة اشكاله يجب ان يكون له القدرة على مقارعة الحجه بالحجه و حماية الاردن من خطر التطرف و ليس مطلوبا منه ان يكون مطبلا او منافقا فالاردن و قيادته و مؤسساته و جيشه قد يكون اكثر الدول العربيه التي تعرضت للظلم الاعلامي رغم ما قدمه لامته و قضاياها عندما كان الاخرين يزاودون بشعارات كاذبه كطبول جوفاء ضيعوا فيها الامن و الاستقرار و الحقوق.
سأكتب في مقالات قادمه اجتهادي بالنسبه لاصلاح القطاع الصحي و التعليم باعتبار ان هذين القطاعين بالاضافه للامن يمثلان نفط الاردن و مستقبله.
حمى الله الاردن و قيادته و جيشه و اجهزته الامنيه و مؤسساته و شعبه الوفي.