الشعب يريد سيارات برمائية
جهاد المنسي
05-11-2014 03:54 PM
منذ اليوم بات علينا استيراد سيارات برمائية قادرة على خوض عباب الماء، والتعامل مع الأسفلت في الوقت عينه، ولا ضير من فتح باب تعليم المواطن فنون السباحة والغطس، فلربما تجبرنا الظروف التي لا نتوقعها أن نعوم يوما في احد انفاق العاصمة عمان، أو في شوارع محافظات أخرى باتت تغرق بالماء عند كل "شتوة".
لا غرابة أن نسمع ونرى مع كل منحفض جوي طرقات تطفح بالماء، وأنفاقا تتحول لمستنقعات، وسيارات "غرقانة"، ومواطنين يبحثون عن حلول، ومناهل مغلقة، وإشارات ضوئية معطلة، ورجال سير يجهدون تحت المطر لفعل ما يتوجب فعله، وعمال وطن منتشرين في الطرقات أملا في إيجاد حلول عاجلة، وما في اليد حيلة.
الأنكى أن أمانة العاصمة والبلديات الأخرى تنشر في الصحف ومواقع إخبارية مختلفة قبل بدء موسم المطر عن استعداداتها لمواجهة الموسم وتخبرنا، نحن المواطنين، أن الأمور على ما يرام، والتجهيزات مكتملة، والجهوزية عالية جدا لكل الاحتمالات لمواجهة أي طارئ متوقع.
والأنكى أن مؤسساتنا الخدمية التي تتحفنا بتطميناتها تلك ترسب في أول اختبار جدي لها، وتعود للبحث عن أعذار شتى لتبرير ما جرى، ثم تعود وتطمئننا نحن الرعية التي علينا أن نصدق ما يقال إن كل الامور تحت السيطرة! وما حصل كان عارضا ومضى وجرى معالجة كل بواطن الخلل!
المشكلة القائمة دوما أن عودة المطر مجددا تخلق الحالات ذاتها التي قيل لنا سابقا إنه تمت معالجتها، والمشكلة الأخرى أن ذات الأشخاص يخرجون علينا بالتبريرات نفسها بلا زيادة ولا نقصان.
إذن أين المشكلة؟ وماذا فعلتم من حلول لتفاديها؟! ولماذا يتكرر المشهد مع كل "شتوة" صغيرة كانت اأو كبيرة، فتغرق شوارع، وتغلق أنفاق، وتطفح المياه وتداهم "مولات" وأسواقا كبرى؟!
للتذكير، وليس للتقريع، فالتقريع بات لا ينفع، العام الماضي، جادت علينا السماء بثلجة واحدة، فأغلقت شوارع لأيام، وفاضت وديان، وقطعت الكهرباء عن أحياء لليال، فشكلت لجان تحقيق، وعقد مجلس النواب جلسة مناقشة عامة للوقوف على الأمر ومعرفة أسبابه، ووعدت الحكومة بالمتابعة ومعاقبة المقصرين، وتوالت بيانات الاستنكار، تبعتها بيانات بمعالجة الخلل وتلافيه.
إذن ماذا فعلنا خلال عام؟ وكيف هيأنا شوارعنا وطرقاتنا وبنيتنا التحتية لمواجهة طوارئ الشتاء وحبات المطر المتوقعة، والثلجات المحتملة؟ ولماذا تعود في كل عام نفس أسطوانة التبرير التي باتت مشروخة ولا تقنع طفلا صغيرا؟
شخصيا لا أريد أن أرى عمان تشبه البندقية الإيطالية بشكل مصطنع وآني! ولا أريد أن أسمع أن أي مدينة أخرى غرقت بمياه المطر، كما لا أريد أن نبقى نبرر إخفاقاتنا ونضع الملامة حينا على الأشجار التي تساقطت فجأة فقطعت الكهرباء، أو على حبات المطر الكبيرة التي تسببت بإغلاق شوارع وأغرقت "مولات".
القصة بوضوح ليس لها علاقة بالشجر ولا بحبات المطر، القصة لها علاقة ببنيتنا التحتية وجاهزيتنا واستعدادنا ومدى قدرتنا على كشف العيوب قبل وقوعها، وشفافيتنا وقوة أجهزتنا الخدمية لمواجهة الطوارئ.
مشكلتنا الحقيقية أن شفافيتنا معدومة، واستعداداتنا دوما في منحى تنازلي لا تصاعدي، ومعالجتنا لأي طارئ يعتمد على الهبة والتطوع لا أكثر، وما نقوله عن الاستعداد والجاهزية إنما هو استهلاك إعلامي، وفرد عضلات قبل حدوث المشكلة لا أكثر، ثم نترك الأمور "ع البركة"، وبالتالي قد "ننفد" من دون أن تنكشف عورتنا إن كان الشتاء ناعما حنونا، وقد يُكشف المستور إن كانت حبات المطر أكبر من المتوقع.
مجددا، وقبل أن ندخل في أتون فصل الشتاء ونعود لتكرار مشهد ما رأيناه في شوارع عمان ومحافظات أخرى، من برك مياه وبحيرات تشكلت نتيجة فشل عمليات التصريف، وتدنى مستوى بنيتنا التحتية، نحن بحاجة إلى وقفة حقيقية وجادة وصادقة لتشخيص حقيقة ما جرى والوقوف على أسبابه، وكشف كل العيوب التي تعاني منها بنيتنا التحتية من دون جراحات تجميلية.
"الغد"