الذكرى الثانية لوفاة الدكتور فخري صويلح "الغياب الصعب"
05-11-2014 12:51 PM
عمون- لم يكن الغياب يوماً إلا صعباً... ولم يكن الفقد يوماً إلا قاسياً... فما أصعب أن يغيب الرجال، وما أشد غياب الطبيب... والموحد لمن حوله ... والداعية للخير والمحبة والتآلف بين الناس.
يا أيها القارئون لكلماتي... ويح الكلمة ما أشد وقعها... والحرف ما أشد وطأه... ألم تعلموا أن للموتى وللراحلين رنيناً في الذاكرة ... يصدح عند تذكر أسمائهم...نستشعرهم بحواسنا... ونكاد أن نبصرهم في كل الأماكن... فرحم الله بسمة لا تنسى منهم ... وملامح لا تغيب عن البال... وحديثاً اشتقنا لسماعه... ورحم الله روحاً غطى جسد صاحبها الثرى.. ورحم الله الراحلين ،، ورحم الله فخري.
ألم تعلموا أنه كلما ذكرنا فخري صويلح تطوف في نفس كل واحد منا ذكريات وذكريات... فلكل واحد منا معه قصة وحكاية... فهو لكل واحد منا أخ ومحب... وهو لكل واحد منا قريب... فقد داوى لكل منا جرحاً وألماً .. وشحذ عزيمة من عرفه وسمع به ... كان صاحب موقف أساسه الدعوة لكل خير ووحدة .. لم يكن صاحب هوى ولا أثرة نفس .. ولم يكن ذا غرض شخصي أو باحثاً عن غنيمة، بل كان متجرداً، مخلصاً، مجاهداً، عاملاً، أخاً صادقاً صدوقاً لمن حوله، وكل هذا مبني على أساس متين من الفهم للإسلام العظيم.
فخري صويلح ... الذي فقدته.. والذي أشتاق إليه ... فخري صويلح الذي خبرته ... أشهد الله وأشهد من بعده خلقه أنه باع نفسه لله .. فقد كانت هجرته لله ورسوله، ولم تكن هجرته لدنيا يصيبها.. كان يكفيه من الدنيا القليل... فقد كانت الدنيا تحت يده ولم تكن في قلبه، ولهذا فقد عاش مرفوع الرأس ... وصاحب عزيمة.
يا أيها السائرون... في قافلة كان رائدها فخري صويلح... سمعته يوصي من حوله من أهله وأقاربه وعشيرته بتقوى الله ... فهي حبل النجاة ... وسمعته يوصي بنصرة الحق والضعيف والمظلوم واليتيم... وسمعته يوصي بالوحدة فهي ملاذ الضعفاء والسند لطلاب الحرية والحق... وسمعته يكرر ويقول ... إن عصيان الله خسارتان في الدنيا والآخرة .. وأن الظلم مرتعه وخيم، وأن الحيف على الضعيف واليتيم هلاك... وأن الفرقة فيها ذهاب الريح والقوة... سمعته يقول... إن الاصطفاف فرقة ... وإن المناكفة فرقة.. وإن العنصرية والإقليمية.. والتشرذم كل ذلك فرقة .. وأن الفرقة انكسار.. وأن الأمة ما هانت إلا بفرقتها .. وما عزت إلا بوحدتها ودينها.
يا أيها السائرون في الطريق ... الطريق طويل .. والمسار صعب .. والنهاية إلى الله .. فإليه المنتهى وهو المبتغى... يا أيها السائرون في الطريق .. قد كان فخري صويلح ومن مثله أصحاب تضحيات .. وكانوا أهل تجرد وعزيمة فكونوا مثلهم... فهؤلاء الراحلون المتجردون من الدنيا هم الباقون في العلياء.
يا أيها السائرون في الطريق... لا يكن بينكم قزم .. فالأقزام لا يشفون الجراح.. ولا يحملون الهم ولا يرفعون للحق شأن.
يا أيها السائرون في الطريق...ليس القزم بطوله ولا عرضه، وإنما القزم بفعله وأثره... وأما العظام من الرجال فالله يرفع ذكرهم وأسماءهم.
يا أيها السائرون في الطريق... لو كان فيكم فخري صويلح اليوم .. لأوصاكم بأن تكونوا يداً واحدة... فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية .. ولا ينزع من النفس أخوة ولا محبة .. ولا يحرف صاحبه عن الحق.
يا أيها السائرون في الطريق.. لو كان فخري بينكم لأوصاكم بالضعيف واليتيم.. و لأوصاكم بحفظ قدر الكبير.. و لأوصاكم بالترفع عن الصغائر والدنايا.
يا أيها السائرون في الطريق... قد قدم فخري صويلح إلى دنياكم يوم الأربعاء الثامن من فبراير عام 1939 وغادرها فجر الأثنين الخامس من نوفمبر عام2012 ... ما تنكب عن الحق والخير والوحدة ساعة... فإن غاب فأكملوا أنتم في طريق الحق المسير.
يا أيها السائرون في الطريق ... في القلب غصة الفقد .. وألم البعد .. فإن رحل عنا فخري صويلح بجسده فإن أجره عند ربه مستمر بإذن الله .. فإن أبن آدم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعمل صالح، وولد صالح يدعو له ... ألا إنها باقية.. ألا إنها باقية... ألا إن موعدنا الجنة معه بإذن الله.. ومع الحبيب المصطفى... فإلى لقاء كريم حول حوضه صلى الله عليه وسلم.