الطراونة رئيسا للمرة الثانية، منهج في" الاعتدال والوسطية"!!
د. زيد نوايسة
04-11-2014 02:05 PM
افتتاح الدورة العادية يكتسب أهمية استثنائية في الشارع الأردني، ويحظى بمتابعة واهتمام نخبوي وجماهيري على حد سواء، لاسيما وانه يفتتح من قبل رأس الدولة جلالة الملك بخطاب ملكي شامل يحدد رؤية الدولة الأردنية ويشخص مواطن الخلل في الأداء الحكومي والبرلماني أيضا، ويؤكد على ثوابت الدولة الأردنية، ويستعرض اللحظة الراهنة ومستجداتها ، ويحمل إشارات واضحة حول مستقبل الحكومة القائمة!!، بالإضافة لانتخاب رئيس المجلس النيابي ونوابه ومساعديه ورؤساء اللجان لسنة قادمة!!.
يوم الأحد الماضي كان يوما أردنيا ودستورياً بامتياز، افتتحت فيه الدورة التشريعة لمجلس الأمة الأردني السابع عشر بخطاب ملكي شامل وعميق، حدد فيه جلالة الملك رؤية الأردن للواقع الإقليمي وأكد على ثوابت الدولة الأردنية ورسالتها ورسالة جيشها العربي في الدفاع عن الوطن والذود عن الحمى العربي كلما استبدت النائبات والخطوب بالأشقاء العرب، فالأردن العربي الهاشمي صاحب دور ورسالة منذ أن كان ولا يمكن له أن يتخلى عنها مهما بلغت التضحيات، ولاسيما والأمة تعيش أعتا موجات الإرهاب والظلام الأسود الذي ينسب زوراً وبهتاناً للإسلام العظيم، رسالة العدل والخير والإنعتاق التي يحاول شذاذ الأفاق وخوارج العصر اختطافها ولكن "الله متم نوره ولو كره الكافرون"، أما فلسطين وقضيتها وقدسها فلهم دائما موقعا خاصاً ومميزاً في القلب والوجدان الهاشمي وستظل محور الاهتمام والرعاية حتى تتحقق الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني وعاصمتها القدس، ومحلياً كانت الرؤيا الملكية تؤكد على تعزيز دور المؤسسات الدستورية والسير في الإصلاح الهادئ والمسؤول والمنتج والذي يستجيب للخصوصية الأردنية التي استطاعت أن تصمد وسط هذه الفوضى بحمد الله وبحكمة القيادة والأردنيين !!.
الاستعدادات لانتخاب رئاسة المجلس للدورة العادية بدأت مبكرا هذه المرة وكانت من أكثر الدورات التي أخذت اهتماما إعلاميا وشعبيا، لا سيما وان معظم المتنافسين برلمانيين مخضرمين وأصحاب تجربة برلمانية وازنة ومهمة، فالرئيس الحالي المهندس عاطف الطراونة يفوز بالرئاسة للمرة الثانية وبرقم كبير ومن الجولة الأولى، وسبق أن كان نائبا أول للرئيس لدورتين برلمانيتين متتاليتين، كان في واحدة منها يتولى موقع الرئاسة بالإنابة في إدارة معظم الجلسات وخصوصا في مرحلة التعديلات الدستورية إبان حكومة د. عون الخصاونة، ومن تابع تلك الإدارة أيامها يدرك قدراته وشخصيته التي اتسمت بالهدوء والتعامل بوسطية واعتدال وموضوعية مع جميع القضايا الإشكالية والآراء المتشنجة، خاصة وان اللحظة الراهنة حينئذ كانت دقيقة ومفصلية، فالأردن والإقليم يعيش بواكير ما سمي "الربيع العربي"، والكل يريد أن يأخذ دوره في الحياة السياسية بحق وبغير حق، فكان لا بد من إدراك اللحظة السياسية الفارقة وقراءتها بعمق وأناة وهو ما كان للرئيس الطراونة أن يلتقطه بحكمة وصبر، أما بقية المتنافسين وهم شخصيات نيابة معروفة وصاحبة تجربة لا يمكن القفز عنها، فالنائب امجد المجالي وزير سابق ونائب لعدة مرات ورئيس حزب فاعل والنائب مفلح الرحيمي وزير سابق ونائب لعدة دورات وتولى رئاسة العديد من اللجان، والنائب حديثه الخريشا نائب شاب ومتحمس وينتمي لمبادرة برلمانية تحولت لكتلة فيما بعد طرحت حلولا لقضايا مهمة وإشكالية!!.
بمعزل عن الهنات البسيطة والانفعالات التي جرت عقب إعلان النتائج فهي عابره ولا تؤثر على العلاقة الطيبة التي يحكمها دائما الخلق الكريم والسماحة التي تمتاز بها الشخصية الأردنية والتغاضي عن زلات الرفيق وهي من السجايا الحميدة لأهلنا جميعاً!!.
اعتقد مرة أخرى، أن وجود شخصية بمواصفات الرئيس المهندس عاطف الطراونة في سدة الرئاسة البرلمانية للمرة الثانية وبعد أن تراكمت لديه الخبرة البرلمانية الوازنة والمكثفة عبر تجربته الأولى في رئاسة المجلس في الدورة السابقة وترؤسها المجلس بالإنابة وعلى مدار دورتين سابقتين ورئاسة لجنة الطاقة مرات عديدة، بالإضافة لشخصيته الهادئة والمعتدلة والمتسامحة والمنفتحة على كل الكتل والأطياف البرلمانية ستكرس لنهج الاعتدال والوسطية في العمل البرلماني وترسي تقاليد راسخة بعد استقرار النظام الداخلي للمجلس، على أن هذا يستدعي الإشارة إلى أن ثمة مهمات كبيرة تنتظر الرئيس الطراونة والمجلس أهمها قانون الانتخاب وقانون الأحزاب والقوانين المتعلقة بتطوير آليات الحكم المحلي والبلديات وقانون التقاعد المدني المحال للمحكمة الدستورية!!.
نهنئ النائب المهندس الطراونة بثقة زملاؤه وهي لمن يعرف شخصيته عن قرب يدرك أنها ستكون موضع تقدير واهتمام فالوفاء واحد من عناوين شخصيته، ويظل الأمل معقودا على مجلس الأمة بشقيه على التأسيس للمزيد من تطوير الحياة السياسية وفي الطليعة منها العمل البرلماني!!.