...... عندما أستذكر أن رئيسة الوزراء الإسرائيلية المغدوره " جولدا مئير " ، لم تنم
طوال الليل خوفا من هجوم عربي – إسلامي يطال وجود الدولة العبرية ، ردا على جريمة حرق
المسجد الأقصى في 21 أب /1969 ، على يد أحد المتطرفين اليهود ، وأن أرى أنها كانت تحلم
وتتصور ، أن العرب والمسلمون ، هم عرب ومسلمو ، خالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي ،
والمعتصم بالله ، وعبد القادر الجزائري وعبد الكريم الخطابي وعمر المختار وغيرهم ،وبمعنى آخر ، أمة السيف أصدق أنباءا من الكتب ، لتكتشف أو نكتشف أن هذه الأمه ، على رأي
الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب " تتحرك دكة غسل الموتى ، أما أنتم فلا تهتز لكم
قصبه " ، واليوم عندما أضحى حال الأمة لا يسر عدو ولا صديق ، وعلى رأي الصحفية
البحرانيه سميره رجب ، أصبحنا نسمي المقاومه " إرهاب " والعميل ناشط حقوق إنسان
والخيانة نضال ، والأمور يا سادة يا كرام ، لأن عرب ومسلمي اليوم ، هم عرب ومسلمو
الجلبي والمالكي وكرازي ، وأمة" رجب والواو وآه ونص " ، ومن هذا المنطلق فإنني أجيز
لنفسي أن أضع تصورات لسيناريوهات محتمله لردود الفعل العربيه والإسلاميه ، على جريمه
إسرائيليه محتمله لهدم المسجد الأقصى ، هذه الجريمه التي يجري التخطيط لها إستنادا لرؤى
وتصورات " ميثولوجيه " وتوراتيه وأيدولوجيه لعناصر وقوى مغرقه في اليمينيه والتطرف ،
تزعم وجود الهيكل أسفل المسجد الأقصى ، وما الحفريات التي تجري في منطقة باب المغاربه
وأسفل المسجد الأقصى ، إلا خطوات على طريق تحقيق ذلك الهدف ، مع التأكيد والإدراك أن
تلك الرؤى والتصورات ، تحظى بثقة ودعم اليمين المسيحي المتطرف ، المسيحيون الجدد
والمسيحيه اليهوديه ، ومن هنا فإن البعض ، قد يتسرب لديه الوهم ، من أن هذه الأمة قد
يصيبها ما يشبه الصدمه من هول تلك الجريمه ، وتبادر الى شن حرب شامله على إسرائيل ردا
على ذلك ، وحتى لا أتهم بالإحباط والتيئيس ، فالشعار أو الفعل يحتاج الى حوامل وأدوات ،
وإلا بقي في إطاره الخطابي والعاطفي ، وهذا لا يبنى ولا يعول عليه في أرض الواقع ، وحظ
هذا الخيار في ممكنات الحصول أو الإنتقال الى حيز الفعل والممارسه ، إن لم يكن معدومه
فهي ضئيله جدا ، فالجميع يدرك أن الأمه العربيه والإسلاميه خطت خطوات ما بعد العجز
والإنهيار على الصعيد الرسمي الى حد تشريع العدوان على بعضها البعض من قبل الغير ، بل
ووفرت الدعم والغطاء والإسناد لهذا العدوان ، إن لم يكن شاركت فيه ، ولعل العراق
وأفغانستان ولبنان وفلسطين ، أمثله ساطعه على ذلك ، وبالتالي فإن السيناريو المتوقع
لردود الفعل العربية والإسلاميه الرسميه ، لن تخرج عن إطار كليشهات وعبارات معروفه "
وممجوجه " من شجب وإستنكار وإدانه ، وكذلك التحلي بالواقعيه والعقلانيه والصبر ،
والدعوات لعقد قمم عربيه وإسلاميه ، والمؤسسات الرسميه الجامعه العربيه ومنظمة المؤتمر
الإسلاميه ولجنة القدس .... الخ ، وهذه لن تأتي بأي جديد سوى قرارات لن تجد لها طريق
سوى الرفوف والأدراج ، ولن تساوي قيمة الحبر الذي تكتب به ، وفي أحسن الأمور وأعلى
تقدير ، ستضطر البلدان العربيه والإسلاميه التي لديها ، تمثيل دبلوماسي علني أو سري مع
إسرائيل الى تجميده بشكل مؤقت ، ولعل ما يبنى عليه ويشكل إطار لهذا الموقف ، ما تم
الكشف عنه من إعدام إسرائيل لأكثر من 250 أسير مصري ، أعزل أثناء حرب عام 1967 ،
والموقف المصري أنتم تعرفونه والذي لم يخرج عن إطار الإدانه والإستنكار ، ولكم أن
تتصورا المسألة ، لو كان الأسرى المقتولين إسرائيلين ، ماذا سيكون الرد إسرائليا ودوليا
؟ ، فهناك دماء غاليه ودماء رخيصه ، وفي نفس الإطار سيدعى مجلس الأمن الدولي ، بطلب من
المجموعه العربيه والإسلاميه الى الإنعقاد ، لمناقشة الجريمه الإسرائيليبه ، حيث ستصر
الدول العربيه على لجنة تحقيق دوليه في الجريمه ، وسترفض أمريكيا وإسرائيل ذلك ، وتصران
على لجنة تحقيق إسرائيليه لأن لجنة التحقيق الدوليه ستعتبر مس بما يسمى " بسيدة "
إسرائيل ، وحتى اللجنه الدوليه في حالة إقرارها ، لن يكتب لها النجاح ، وسيكون حالها
كحال اللجنه التي إقرت للتحقيق في الجرائم الإسرائيليه في مخيم جنين ، حيث أفرغت من
محتوها ولم تصل ولم تحقق .
أما الردود الشعبيه والجماهيريه ، فستندلع مظاهرات وتحركات شعبيه وجماهيريه في كل
البلدان العربيه والإسلاميه ، والحناجر ستبح وهي تهتف وتصيح داخل جدران مغلقه ، تحاصرها
قوات أمنيه كبيره ، الموت لأمريكيا وإسرائيل ، والجهاد الجهاد ، وطبعا ستحرق الأعلام
الإسرائيليه والأمريكيه ، وهذا الهيجان الشعبي والجماهيري العارم ، بسبب ضعف الحوامل
التظيميه والسياسيه الحزبيه المعارضه أو جبنها وخوفها ، قوى وطنيه ، إسلاميه ، قوميه ،
ديمقراطيه .. اللخ ، وعدم قدرتها على إستثمار ذلك وتحويله الى قوه ماديه وفعل على الأرض
، من شأنها أن تحدث تغيرات جديه وجذريه في الرؤى والتصورات والمواقف السياسيه ، وبما
يعيد لهذه الأمة جزء من هيبتها وكرامتها وإحترامها ، فإنه سرعان ما يخبو ويتلاشى ،
وبالتالي يزيد من حالة الإحباط والإحتقان وفقدان الأمل في صفوف الجماهير ، وكنتيجه
لغياب أو عدم قناعتها بالحواضن والحوامل الحزبيه والتنظيميه القائمه ، فإنها تتجه
للتعبير عن نفسها من خلال تنظيمات متطرفه ، تمتهن القتل من أجل القتل ، أو تمارس "
الإرهاب " تحت يافطة النضال المشروع ، ملحقة بذلك الضرر الكبير بالقضايا العربيه
والإسلاميه ، وتعزز من وجهة النظر المعاديه ، والتي تريد ألصاق تهمة " الإرهاب " بالعرب
والمسلمين ، من أجل تبرير شن الإعتداءات والحروب عليهم ، وإحتلال بلدانهم ونهب خيراتهم
وثرواتهم ، وحتى نمنع الأذى قبل وقوعه ، فإن كل القوى الشعبيه والحزبيه وبغض النظر عن
ألوان طيفها السياسي ، ولما للمسجد الأقصى من قيمه وأهميه ورمزيه في الوجدان الشعبي
العربي والإسلامي ، عليها أن ترتقي الى مستوى المسؤوليه ، وأن تغادر لغة الشعار والخطاب
، ودغدغة العواطف والمشاعر ، الى فعل جدي وحقيقي على الأرض ، يخلق حاله واسعه من الرفض
والممانعه الشعبيه ، والضاغطه على الأنظمه الرسميه ، وبما يجعل الأعداء يحسبون ألف حساب
لهذه الأمه ، والتي أصبح العالم يتعامل معها على أساس ، أنها أمه خارج البشريه العاقله
، ولا تفهم إلا لغة القتل والدمار ، ومن العار أن أمة عظيمة كهذه الأمه ، تصل الى هذه
الحاله من الذل والهوان ، وصحيح أن مسألة الدفاع وحماية الأقصى والمقدسات مسؤوليه عربيه
إسلاميه ، ولكن من يتحمل المسؤوليه المباشره في هذا الجانب ، هو الشعب الفلسطيني الأعزل
، والذي يتوجب على كل أبناء الأمه العربيه والإسلاميه دعمه وإسناده حتى يستمر في
المقاومة والدفاع والثبات ، وثقوا يا عرب ويا مسلمين ، أنه في الوقت الذي يهدم فيه
الأقصى ، فإن الطريق ستصبح معبدة لهدم البيت الحرام .
البريد الالكتروني
rasim@shepherdsfieldymca.org