أخذت البنوك الأردنية تعلن واحداً بعد الآخر عن ضخامة أرباحها خلال الثلاثة ارباع الأولى من هذه السنة ونسبة ارتفاع الأرباح عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي، مزينة بصور رؤساء مجالس الإدارة.
الربحية العالية للبنوك دليل قوي على أنها في حالة جيدة، وأنها تزداد قوة عاماً بعد آخر. ومن هنا لم نعد نسمع أو نقرأ حول الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي كانت تستعمل كمبرر للخسارة أو التراجع.
لا تقف أهمية الربحية العالية للبنوك عند قوتها الذاتية، وارتفاع أسعار أسهمها، وزيادة الثقة بها، بل تمتد لتعطي دلالة على حركة إيجابية على صعيد الاقتصاد الوطني.
لم ترتفع الأرباح بدون سبب، فهناك نمو في الودائع ونمو مماثل في التسهيلات المصرفية، الأمر الذي يعني ارتفاع وتيرة النشاط لدى القطاع الخاص. وإذا كانت البنوك بخير فمما لا شك فيه أن الاقتصاد الوطني بخير.
ليس صحيحاً أن هناك تراجعاً أو ركوداً في الاقتصاد الوطني وحركة الاستثمار، وإلا لكانت البنوك أول من يتضرر، سواء في مجال هبوط الإيرادات أو ارتفاع حجم الديون غير العاملة. أما الإيرادات فقد ارتفعت بنسبة تتراوح حول 10%، وأما الديون المشكوك فيها فتشكل نسبة صغيرة مغطاة باحتياطات أكثر من كافية.
البنك المركزي يأخذ بسياسة متشددة في مراقبته لسلوك البنوك، وحسناً يفعل. كما أن خبراء صندوق النقد الدولي شهدوا بقوة وسلامة الجهاز المصرفي الأردني، باعتبار أنه صمام الأمان لاقتصاد وطني سليم.
نقطة الضعف الوحيدة، التي يراها البعض نقطة قوة، هي أن أكثر من نصف رؤوس أموال البنوك الأردنية مملوك لغير الأردنيين، فإذا أضفنا إلى ذلك فروع البنوك العربية والأجنبية العاملة في الأردن، والتي لا يملك الأردنيون أية حصة في رؤوس أموالها، فإننا نصل إلى نتيجة غير صحية هي أن ثلثي العمل المصرفي في الاردن غير أردني من ناحية الملكية والإدارة.
الأرباح العالية التي تتباهي معظم البنوك بالإعلان عنها، ترفع شهية الحكومة ومجلس النواب لزيادة معدلات الضريبة على أرباحها ليس فقط لأن نصف هذه الأرباح تذهب للخارج، بل أيضاً لأنها الأقدر على الدفع.
(الرأي)