.. بعد يوم واحد من عودته من طهران, تحط طائر د. العبادي في العاصمة الاردنية.. فالرجل يحمل برنامجاً يحدد فيه علاقات العراق بجيرانه, ويوازن بين انتماء العراق العربي, والروابط الخاصة التي تربطه بايران ومشروعها.
ونحن, في الاردن, نستقبل ذكاء القائد العراقي في زيارته بما كنا دائماً نستقبل دور العراق بغض النظر عن التفاصيل فالعراق سندنا وعمقنا الاستراتيجي, وتربطنا به ذكريات تاريخية, ومستحقات سياسية معقدة. فالعراق هو عراق فيصل, وقاسم والبكر وحسين, ذلك ان اجتزنا في علاقات القومية سياسة المحاور, والتحالفات الموقوتة, والعقائديات البهلوانية, وقررنا منذ البداية وحدة المصالح المصالح والمصير في حياتنا القومية!!
د. العبادي اختار عمان مدخلاً لخلق علاقات عربية – خليجية, وجسراً يعبر منه الى المنطقة والعالم. وهذا توجه لا ينقصه الذكاء السياسي, فالاردن يمتلك رصيداً خليجيا ثميناً, أقامه بالوضوح, والعمل المشترك وشجاعة الموقف. وحين يعود د. العبادي الى انعاش دور العقبة, وخط النفط العراقي, فإنما لانه لا يحب لبلده العراق – وهو الان قائده وامله- ان يبقى حبيس الاماكن الضيقة.
قبل اسبوع التقينا بعدد من مفكري وسياسيي العراق الشقيق المقيمين في عمان. وقد سمعنا منهم إشارة الى دور اردني فاعل في هذا الصراع القاتل في العراق.. وكنا نقول لاخواننا: لن يذهب الاردن الى بغداد باحثاً عن دور في صراعاته الداخلية, فالاردن يعرف حجمه, ويعرف اكثر: يعرف ان اي دور اردني يساعد العراق فانما يجب ان يجد في بغداد ما يشجعه على لعب هذا الدور. وذكرنا الاخوان العراقيين بالدور الاردني في ازمته الكويتية حين اكدنا بوضوح:
- ان للعراق والكويت حلاً واحداً هو.. الحل العربي. وان ترك الازمة في يد القوى الكبرى سيكون بلاء على العراق والمنطقة.
- وان العراق يجب ان يساعد الدور الاردني بسلوك متزن مقبول. فلن ننسى نجاح الملك حسين رحمه الله في خلق موقف اردني – فرنسي, جعل الرئيس ميتران يذهب بمشروع حل الى الأمم المتحدة يمنع جنون الحرب الذي اصطنعه الرئيس الاميركي. ثم ذهب الحسين الى بيت العطلة للرئيس بوش ليستعمل صداقاته وعلاقة الاردن باميركا وبالغرب.
وقد فشلنا في الاثنتين. فلا احد قبل الحل العربي. ولا النظام العراقي استجاب لمشروع الحسين – ميتران!!
كل الاحترام لذكاء د. العبادي, وشجاعته, وعقل وخلق قائد الدولة. فمن المؤكد انه سيجد في عمان اصدقاء مخلصين للعراق العربي, ولحق العراقيين في حياة حرة كريمة, وفي العيش بأمن وكرامة
(الرأي)