للذكرى:خطاب "الحسين" بذكرى الهجرة النبوية عام 1959
د.بكر خازر المجالي
28-10-2014 12:49 AM
في رأس السنة الهجرية يوم 1 محرم 1379 هجرية الموافق للسابع من تموز عام 1959م وجه جلالة المغفور له الملك الحسين خطابا للأمة العربية والإسلامية ، وفي الخطاب الذي مضى عليه 55 عاما نقرأ معاني تتصل بحياتنا اليومية وحالنا الحاضر في الحديث عن الفتنة والطواغيث .
ويقول الحسين رحمه الله في الخطاب : " وما الفتن التي يأخذ بعضها برقاب بعض ، وما الطواغيث التي تسعى في الأرض فسادا وإلحادا إلا نذرا تلوح في آفاقنا .. وان الهجرة خلاص من التهلكة وانعتاق من العبودية والشرك ،ونجاة بالمثل العليا والمبادئ القويمة من الغواية وسوء الضلالة ولوثات الكفر والإثم والعدوان"..."
هذه كلمات في الذكرى العطرة لهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام ،صاحب الرسالة التي تهدي للدين القويم على أساس التسامح والمحبة والكرامة ووحدانية الله سبحانه وتعالى.
ومن المعاني التي حملها الخطاب قبل 55 عاما الدعوة إلى التحول "موطن النجدة والإخاء ومغاني العزة والإباء ،وان يتمكنوا من أسباب القوة يبعثون الحياة من مراقدها ويطلقون التاريخ من قيوده .
ومن العبارات ذات المغزى العميق والتي تمس واقعنا اليومي الآن بعد التشتت وسيادة لغة الدم والتهجير والبعد عن حقيقة الإسلام هو عبارة جلالته رحمه الله التي تقول وهو يقسم بالحق لعمر الحق :
"ولعمر الحق فان العرب والمسلمين كل يوم في هجرة حتى يزول الباطل وينهزم الشر وحتى ينتصر الخير ويعم النور " .
لكن ما نراه أننا ننزلق اليوم في أديان" معتقدات" مبتكرة تحمل أسماء تنظيمات وليس باتجاه واحد ، وبمذاهب جديدة تقوم على التكفير والقتل وسفك الدماء وانتهاك الحرمات ، وأصبح الدين الإسلامي الصحيح ينحصر في فئة من المسلمين الواعين العاملين على خدمة الأوطان والشعوب على هدى من سنة الرسول الأعظم .
ومن أجمل العبارات التي كان يستخدمها المغفور له الحسين في ندائه وتوجيه خطابه بذكرى الهجرة ،استخدام مصطلحات تدغدغ عواطفنا وتثير الشجن فينا :
إخواني وأهلي
بني وطني وقومي
شعبي العزيز
وفي خطاب ذكرى الهجرة النبوية توجه بخطابه إلى: "أيها العرب والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها"
ونراجع واقع الحال ونتساءل :
هل فعلا لا زلنا كمسلمين في هجرة بل (تهجير ) ولكن في تيه وحيرة وفتنة ؟
وهل طغى الطواغيت بيننا ففقدنا معاني الإسلام الحقيقية ؟
وهل اختلط الباطل بالحق فلا تمييز بينهما ؟
وهل فقدنا روح الحضارة الإسلامية الصحيحة المتمثلة بالعلماء والحكماء ؟
هل سنرى الرازي وابن سيناء وابن البيطار والغزالي والفارابي وابن زهر من جديد وهل سينتج لنا قطع الرقاب وسفك الدم وانتهاك الحرمات والتكفير والفوضى والأشكال الغريبة العثة والمتكششة أمثال هؤلاء. ،
هل فقدنا معاني الإنسانية في الإسلام وأقلها ما جاء في رسائل الرسول عليه الصلاة والسلام وابوبكر وعمر رضي الله عنهما لجيوشهم كوصايا باحترام كل عقيدة وكل إنسان وحتى احترام الشجر. ؟؟
ولكن يبقى فوق كل هذا في بلدنا الاردني نموذجا يحافظ على المنهج باعتدال وحكمة ،وهو البلد الذي يحمل ارث فكر النهضة العربية وينطلق من رسالة عمان وندعو كما يدعو جلالة الملك عبدالله الثاني في تهنئته بذكرى الهجرة النبوية الشريفة العودة إلى تاريخ الإسلام المشرف ،وقد جاءت تهنئة جلالته موجزة مرسلة مجملة بقوله "أبارك لكم ذكرى الهجرة النبوية الشريفة التي تعيدنا إلى سيرة جدنا النبي محمد عليه الصلاة والسلام وتستمر في توحيدنا للحفاظ على سماحة ديننا "
وفقنا الله وكل عام ونحن جميعا بألف خير