ان منظومة الاداء النيابي وحدة متكاملة يكّمل بعضها البعض الآخر، لذى فإن الحكم على الاداء قوة أو ضعفاً لابد أن يتم من خلال هذه المنظومة اعتباراً من احتشاد القواعد الانتخابية لاختيار ممثليها وما يشوب هذه المرحلة من تجاذبات الاسس التي يتم الاختيار وفقاً لها، ففي حين تلعب العشائرية الدور الاكبر، حيث يشكل نواب المجلس الذين تم اختيارهم على الاساس العشائري أغلبية المجلس المطلقة، بالاضافة الى عدم تحرر جمهور الناخبين من التبعيات الأخرى والتي تتمثل بالاقليات؛ الشركس والشيشان وغيرهامن التبعيات الدينية والمناطقية وما نعرفه عن تبعيات الأصول الشرقية والغربية، مما يظهر معه جلياً جدلية ماهية الوظيفة التي يجب أن يؤديها النائب داخل المجلس، هل هي وظيفة خدماتية لأبناء منطقته أو عشيرته أم سيؤدي وظيفته الدستورية المتمثلة بالتشريع والرقابة واستناداً الى أي من تلك الوظائف سيتم تقييم أداء المجلس؟ ومن هنا فتحميل اعضاء مجلس النواب لكامل المسؤولية عن ضعف أداء مجلس النواب يعد مغالطة كبيرة.

وما يتبع هذه المرحلة من ما يحدث من اخفاقات داخل المجلس نفسه وعجزه عن اقامة تحالفات قوية تمكنه فيما بعد من اجبار الحكومة على الاذعان له، حتى في أدائه لوظيفته الخدماتية التي فرضتها عليه قواعدهالانتخابية والتي باتت عرف نيابي بإمتياز.

واكثر من ذلك انه وعلى الرغم من وجود أقطاب نيابية من المؤثرين في الحياة السياسية، إلا انه وللأسف هناك غياب واضح للقيادات السياسية داخل مجلس النواب وليس السبب عدم وجدود الكفاءات بل على العكس هناك نخبة من السياسيين المخلصين إلا انه وللأسف يغيب عنا كمجتمع سياسي ثقافة الاعتراف بوجود قيادات سياسية، وابعد من ذلك فإن هذه الشخصيات كثيراً ما تتعرض للإغتيال سواء من داخل المجلس أو خارجه.

وهو ما ما يمكن أن يؤدي الى الاطاحة بالاداء النيابي ، فعلى النواب البدء بإتخاذ خطوات عملية وسريعه لبدء استرجاع هيبة المجلس ودورة المنوط به ليكون الركيزة الأقوى في الحياة السياسية وذلك من خلال:
تشكيل تحالفات قوية ومؤثرة ، بالرغم من أنه ومن الصعب في ضل قانون الانتخاب الحالي ومن الناحية العملية تشكيل مثل هذه التحالفات، إلا انه على مجلس النواب أن يعي وبشكل مطلق بأن العمل الفردي أو العمل وفقاً لتكتلات ضعيفة وغير مؤثرة لن يؤدي إلا إلى مزيد من الضعف و الى السقوط الوظيفي التدريجي وفقدان التقة بالحياة الرلمانية ككل، وهو ما يجعل لزاماً عليهم البدء بوضع استراتيجيات واضحة لعمل تحالفات قوية ومؤثرة تمكنهممن اقامة التوازن الحقيقي مع السلطة التنفيذية.

الفهم العميق للأدوار السياسية التي من الممكن أن تلعبها القيادات السياسية المؤثرة داخل المجلس وخارجه.
تعزيز الكادر الاداري المساعد للنواب والذي يتولى تقديم الدراسات والابحاث والمعلومات اللازمة للنائب للمارسة وظيفته، حيث ترتبط عملية اصلاح العمل النيابي ارتباط وثيقاً بمدى تقييم النواب لما يعرض على المجلس من قضايا الشأن العام والتشريعات وكيفية التعامل معها والتي يمكن تعزيزها من خلال انشاء جهاز على درجة عالية من المهنية والحيادية ليقدم المساعدة الفنية للنواب؛ ذلك أن النائب وفي مجتمعنا لا يملك الكثير من الوقت للبحث بنفسه ودراسة جوانب ما يطرح عليه من موضوعات.

وعلى الرغم من معيقات تحقيق عملية اصلاح الاداء النيابي، إلا ان فرصة الاصلاح قائمةولكنها تحتاج إلى ارادة النواب أنفسهم، وتقديم المصلحة العامة، والايمان بقدسية الوطن ومصالحه ، والايمان بالقيم الديمقراطية العميقة، وفهم الرسالة الحقيقية للتمثيل النيابي، وهو ما نتمنى أن يكون.