أنمار الحمود .. وطنٌ في الغرفة المجاورة
علاء الطراونه
30-03-2008 03:00 AM
فليسمح لي سفيرنا في الصين أن أخاطبه هكذا , أنمار , مباشرة ومن غير تكلّف وليعذرني اذا لم أقل له سعادة السفير أنمار الحمود , ولا أظن انه انزعج لعدم معرفتي به في بداية الأمر فقد كان صوته دافئا وقريبا الى القلب , كما كان من الصعب أن أشك للحظة أن من يتحدث عبر الهاتف هو شخص لأول مرة في حياتي أسمع صوته ولولا أن قال لي أخي بأن السفير الأردني يود محادثتك لكانت نبرات الصوت توحي بأن ما يتحدث هو أبي أو أخي أو عمي وليس شخص آخر , لذا ما زلت مصرا على مخاطبتك أنمار فلا أظن أن الأخ الأصغر يمكن أن يستخدم الألقاب في مخاطبته لأخيه الأكبر وهذا فعلا ما لمسته من سفيرنا فهو أخو وصديق وأهل وسند لكل أردني قذفته الظروف الى ذلك العالم الأصفر .
أنمار يا صديقي في غفلة من الزمن تأخذني بعيدا الى سراديب غريبة من التفكير اللامنطقي وغير القادر على استيعاب ما انا مقبل عليه , فرغم جميع المؤازرين والداعمين والداعين الا أن ذلك لا يغير من حقيقة ما أنا مقبل عليه فلست عند طبيب الأسنان لأخلع ضرسا مزعجا لكنه يا أخي قلب بأكمله وسوف ينتزعونه " من شروشه " لسيتبدوله بقلب آخر لانسان قدره الموت , ربما ليزرع حياة أخرى لانسان آخر باذن الله تعالى وقدرته .
أنمار يا أخي لقد لمست فيك مرافقا حقيقيا واشعرتني بأن الأردن بأكمله في الغرفة المجاورة يقوم بدور مرافق المريض ذلك الذي هيأ نفسه لاي التفاته أو طلب سريع من صاحب الوجع والألم , أنمار يا صديقي عندما هاتفتني شعرت بأن الوطن يطمأن علي وعلى حالي ويسأل عني بلهفة , ولا استبعد يا أنمار أنك الآن تسمع مناجاتي وما تحدثني به نفسي فوجودك في العاصمة لم يبعدك عن الأردنيين في تلك البلاد الشاسعة المترامية الأطراف وأظنك تعرف أيضا ما أفكر به الآن , فزراعة القلب يا أخي ليست بحد ذاتها المشكلة , الا ان الخطر الرئيس يكمن ما بعد الزراعة وبقدرة جسدي على استقبال ذلك الضيف الذي ربما لن يكون مرغوبا فيه في البداية متمنيا من العلي القدير أن يعقد العضو الجديد هدنة مع باقي الاعضاء ويتفق معها على التعايش السلمي وينسجم معها دون أن تحرك جيوشها المضادة من كريات دم بيضاء وغيرها وأظنك تعرف أيضا بأنني أتمنى أن لا يكون القلب الجديد مستفزا ومثيرا للمشاكل وقادرا على اثارة حفيظة جهاز المناعة لدي .
أنمار يا أخي لقد كان اتصالكم دافئا ولا اعرف لماذا سمعت عبر اتصالك دعوات أمي وأبي واخوتي وكل من عرفني وعرفته في يوم من الأيام ولن أنسى عندما قلت لي بأنك السفير الأردني بالصين وتريد الاطمئنان على حالتي لكنك يا أخي وان ظن كثيرون بأن هذا واجبك المفترض فانا أقول بأنك قمت به على أكمل وجه وقد أنجزت فرضك كاملا عندما أكدت لي بأنك سألت واستفسرت عن المستشفى وامكانياته وسمعته الطيبه التي يتمتع بها . لذا ومع معرفتي التامة بأنك لا تنتظر الشكر مني ولا من غيري الا أنها كلمة حق يجب ان تقال فشكرا يا صديقي ألف شكر لا لشئ ولكن لأنك تعرف متطلبات منصبك جيدا وتعرف ما هو الدور الملقى على عاتقك كسفير تمثل الأدرن والاردنيين أينما حللت .