facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قضية للمناقشة : رجال يستغلون أوضاعهم الوظيفية للتحرش بالموظفات


11-03-2007 02:00 AM

- اختزال المرأة لتكون موضوعاً جنسياً تغييب لكيانها الإنساني.
- 20 ألف حالة اغتصاب وتحرش ترتكب في مصر سنويًّا.
- ضحايا التحرش لا يبلغون خوفاً من الفضيحة وتلويث السمعة.
- للتحرش آثار شديدة السلبية على المرأة.
- الاختلاط وعدم الحشمة سببان رئيسيان للظاهرة.
- مجتمعاتنا تعاني من انهيار أخلاقي عام لبعدها عن الدين.
- الروادع الأخلاقية والدينية هي الأساس في مواجهة الظاهرة.عمون - ل منى محروس_مفكرة الاسلام
التحرش بالنساء في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لم يكن قضية مثارة على الرأي العام في يوم من الأيام، وذلك لأن مجتمعاتنا لها خصوصية في هذه القضية، وهذه الخصوصية انعكاس لتعاليم الإسلام وللتربية الإسلامية.

ولكن مع ثورة الاتصالات، وانتشار التليفزيون والفيديو ثم الفضائيات والإنترنت، وما صاحب ذلك من التجارة بجسد المرأة، كل ذلك دفع بالقضية إلى سطح الأحداث.



ولعل قضية التحرش الجماعي من مراهقين وشباب مصريين ضد فتيات وسيدات في شوارع القاهرة، منذ شهور، وفي وضح النهار، هي التي أعطت زخماً للقضية ودفعتها لكي تتم مناقشتها على مختلف المستويات.




نحو تعريف محدد للتحرش




في البداية تعرف د. فتحية جمعة أستاذ علم الاجتماع التحرش الجنسي بأنه أي سلوك له مضمون جنسي موجه ضد المرأة ويستغل أو يستمد شكلاً من المشروعية من علاقة التفوق السلطوي الاجتماعي السياسي أو الثقافي في المجتمع الذي قد يتمتع فيه الرجل بنفوذ على حساب المرأة.

وهكذا فإن القضية لا تعني فقط النساء، هي قضية المجتمع والأسرة، هي قضية حقوق الإنسان، واحترام كرامة الجسد، فالجسد له حرمة، سواء كان جسد امرأة أو كان جسد رجل أو جسد طفل.

واختزال المرأة لتكون موضوعاً جنسياً هو تغييب لكيانها الآخر الإنساني والثقافي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وهو محاولة لحشرها في زاوية هي زاوية الموضوع الجنسي فقط.



حجم ظاهرة التحرش في مجتمعاتنا



كشفت دراسة الدكتورة فادية أبوشهبة أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة أن 20 ألف حالة اغتصاب وتحرش جنسي ترتكب في مصر سنويًّا.



كما أشار تقرير للأمم المتحدة صدر عام‏2000‏ أن‏45.5%‏ من السيدات في ثلاثة من أحياء القاهرة الكبرى هي‏ (‏بولاق الدكرور‏‏ ومصر الجديدة‏‏ ومصر القديمة‏)‏ تعرضن لأحد أشكال التحرش الجنسي ولم يبلغ الشرطة سوي‏5.2%‏ فقط بسبب الخوف من الفضيحة‏.‏



وكشفت دراسة حول الأمراض النفسية للمصريين أن 30%‏ من تلك الأمراض ترجع للتحرش الجنسي مطالبة المشرع القانوني بضرورة تغليظ العقوبة لردع المتحرشين خاصة بعد تفاقمت الظاهرة مما ينذر بعواقب وخيمة.



وأكدت دراسة أخرى أعدها "المركز المصري لحقوق المرأة" حول التحرش الجنسي في مصر أن طالبات المدارس هن الأكثر عرضة للتحرش على الرغم من ارتدائهن الزى المدرسي، وأن نسبة التحرش بالفتيات لمن هن في سن الـ 18 تبلغ حوالي 22%. أما النساء اللائي لا يعملن فيأتين في المرتبة الثانية ، حيث تصل نسبة التحرش بهن إلى 27%، وتنخفض النسبة لمن يعملن في الوظائف الإدارية إلى 20% و4% لمن يعملن في العمل العمالي، و2% لمن يعملن في العمل الخدمي كما تعاني ربات البيوت من المشكلة نفسها، حيث وصلت نسبة التحرش بهن إلى 12%، وفي النهاية تصل نسبة المتعرضات للتحرش اليومي إلى 30% حسب أرقام الدراسة.



وجاء في الدراسة أن نسب التحرش بالمرأة تتفاوت تبعا للسن، حيث بلغت هذه السن لمن هن في سن 18 حوالي 22%، ومن 18 إلى 24 حوالي 29%، ومن 25 إلى 40 حوالي 30% بينما تنخفض النسبة لمن فوق 41 سنة إلى 14%.



وأثبتت دراسة للخبير النفسي د. أحمد عبد الله، حول انتشار التحرش الجنسي والاغتصاب، أن 60% من الفتيات والنساء في مصر يتعرضن للتحرش الجنسي في الطفولة، سواء كان تحرشاً لفظياً في صورة كلام أو صور، أو تحرشاً باللمس عن طريق مس أجزاء من جسد الأنثى، أو أقصى درجات التحرش وهو الاغتصاب.

وقال إن أهم أسباب هذه الظواهر، انعدام أو ضعف الرادع في المجتمع، سواء كان الضمير أو الكابح الاجتماعي أو القانوني، واقتران الرغبات الجنسية لدى الشباب بمغزى وسائل الإعلام، مقابل عدم وجود قناة شرعية تفرغ فيها هذه الشهوة، فضلاً عن دوافع للتمرد على النظام القائم الذي لا يلبي حاجة الشباب، ولا يوفر له فرصة عمل أو زوجة أو أبناء أو يسمح له بالتعبير عن رأيه، فتكون النتيجة خروج هذه الطاقة من الغضب والتمرد بشكل عشوائي ودون نظام.



وصف للظاهرة



بينما تصف د. زينت رضوان عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة فرع الفيوم الظاهرة فتقول: التحرش الجنسي ظاهرة تعيشها المرأة يومياً في الشارع وفي وسائل النقل، وفي المؤسسة التي تعمل فيها، وأحياناً في البيت الذي تعيش فيه مع أقرب المحارم، وفوق ذلك يفرض عليها التكتم عليه، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل عن أسباب سكوت المرأة في العالم العربي على هذا السلوك، وكيف يستغل بعض الرجال موقعهم في السلطة للممارسة التحرش الجنسي ضد المرأة؟ وما هي العوامل الكامنة وراء الفراغ القانوني في هذا المجال؟ ثم كيف تؤثر المضايقات الجنسية على الارتقاء المهني للمرأة وعلى الظروف التي تؤدي فيها عملها داخل المؤسسة؟.



وتضيف د. زينب رضوان: أحياناً، في بعض المجتمعات التي لا تعطي المرأة حقها، يتم التأكيد على أن المرأة في جميع الأحوال هي الظالمة، وما وقع عليها من التحرش ليس مسؤولية الرجل وحده، ولكن مسؤوليتها هي بالدرجة الأولى، فلو لم تسلك سلوكاً يجعلها تتعرض لهذا التحرش لما وقع. وهذه النظرة ليست دائماً نظرة عادلة أو منصفة، ولكن لأن المرأة في بعض المجتمعات لها مكانة أدنى من مكانة الرجل، فيظن دائماً فيها أن الخطأ هو مصدره المرأة، وأن الرجل في كل فعل مهما كان فيه تعدي على الآخر، إنما هو محق في هذا، لأن الطرف الأضعف وهو المرأة هو المذنب، ولأنه بسلوكياته دفع الرجل إلى هذا الفعل الشائن. هذه النظرة غير العادلة لو كانت مكانة المرأة في وضع أفضل وفي وضع مساوي للرجل لاستمع إليها المجتمع ونظر إليها كما ينظر إلى الرجل في دعواه ويضع الحق أينما كان سواء أكان في جانب الرجل أم في جانب المرأة بدون تحيز لطرف على آخر، ولكن من خلال التعليم ومن خلال وعي المرأة بحقوقها ومكانتها تستطيع أن ترتفع مكانة المرأة وأن توقف أي اعتداء تتعرض إليه من جانب أي إنسان لا يعرف كيف يحترم حرمة الآخرين، وكيف يحترم تقاليد المجتمع وعقائده ودينه.



لماذا تتكتم المرأة على التحرش ضدها؟



تقول عزة سليمان مدير مركز قضايا المرأة المصرية: إن ظاهرة التحرش الجنسي هي قضية مسكوت عنها في مجتمعاتنا لأن الكثيرات من ضحايا التحرش تخاف من الفضيحة، وتلويث السمعة، لأن أصابع الاتهام ستشير إليها بالدرجة الأولى، لذلك فهي تفتقد الجرأة والشجاعة في التحدث عن معاناتها.



كما أن بعض الضحايا تخاف من فقد عملها، فإحدى السيدات تذكر أنها كانت تكره الذهاب إلى عملها في وزارة الزراعة لأن رئيسها كان يتحرش بها جنسيا كل يوم. وتقول إنها شعرت بكونها أسيرة الحاجة لكسب عيشها وبالعجز عن مقاومة إساءاته وتحرشاته المباشرة.



وتضيف عزة سليمان: إن الخوف من تعثر الدراسة جعل بعض الضحايا يلتزمن الصمت، وهنا تقول إحدى الطالبات التي تدرس في كلية الحقوق: رسبت سنة لأنني ببساطة رفضت المواعيد الغرامية التي كان يضربها لي أستاذي الفاضل، لا أحد من عائلتي يعلم بالأمر، فقط صديقاتي، ولحسن حظي أنه لم يدرس لي خلال السنة التالية.



وقد يكون صمت المرأة التي يمارس ضدها التحرش مرده إلى شعورها بأن المتحرش بها لن يجد العقاب الرادع له، وأن رئيسها المباشر لن يسمع لها خوفا على وضعه في العمل.



كما لا ينبغي التقليل من أن إثبات حدوث التحرش من أصعب الأمور على المرأة، فالتحرش في معظمه يتم حينما يكون المتحرش في وضع آمن أو شبه آمن ولا يراه غيره، ولا شاهد عليه.



أما د. سحر مسعود الخبيرة الاجتماعية فتقول: كثير من حالات التحرش لم يكن للمرأة ذنب فيها، ولكن الخطأ كان على الرجل، فلم تظهر المرأة مفاتنها، ولم تتبرج، ولم تفعل ما يدفع الرجل إلى هذا، ولكن تخشى المرأة من التبليغ أو من الإدانة، ولذلك فيجب على المرأة أن تتقدم وبكل الشجاعة لإدانة الرجل الذي تعدى على حقها، شأنها في هذا شأن من تعرض للسرقة، ومن تعرض لإصابة خطأ، ومن تعرض لأي اعتداء من أي نوع من الأنواع حتى يمنع المجتمع هذا المجرم من اعتداءاته واستمرارية هذا الفعل الشائن، لأن المرأة إن لم تقف أمامه وتبلغ عن هذه الفعلة قد يكون هذا سبباً في أن يتمادى ثم يستمر ثم يستمر، لأنه يعرف أن الضحية لا تجرؤ ولا تقوى على إدانته أو الوقوف أمامه، وهذا لكي يتحقق لابد أن تكون المرأة واثقة في نفسها وفي مكانتها، وأن يضعها المجتمع أيضاً في المكانة اللائقة بها، شأنها شأن الرجل تماماً حتى يستطيع أن يجتز من الجذور هذه الفعلة الشنعاء، ثم يوقف كل معتدي عند حده ولا يسمح له بالتمادي استسهالا.



الآثار السلبية للتحرش بالمرأة



جاء في تقرير للجمعية الأمريكية للنساء الجامعيات أن الطالبات أكثر شعورا بالخجل والغضب والخوف والتشوش، وأقل ثقة وأكثر شعورا بخيبة الأمل تجاه تجربتهن الجامعية بعد تعرضهن للتحرش الجنسي.

وتقول الطالبات: إنهن يتفادين المتحرش بهن أو أماكن معينة في الحرم الجامعي، وأنهن يعانين من صعوبات في النوم أو التركيز. كما أن الطالبات أكثر لجوءً للاستعانة بشخص يقدم لهن الحماية، أو إلى تغيير مجموعات الأصدقاء، أو الامتناع عن المشاركة في الفصل، أو الانسحاب من المساق، أو التغيب عن نشاط ما. علماً بأنهن نادرا ما يبلغن المسئولين الجامعيين عن تعرضهن للتحرش.



وفي دراسة صادرة عن معهد المرأة في العاصمة الاسبانية مدريد أن أغلب هؤلاء العاملات يعانين من أمراض نفسية مثل القلق، والسهر، واللامبالاة، والخوف، والتعرض للكوابيس.



وعندما لا تكون المرأة المتحرش بها جنسيا راضية بالأمر، فإن الأمر يصبح مطاردة، و الإحساس بالمطاردة قد يسبب الانهيار العصبي، خاصة إذا كانت ظروف المرأة لا تسمح لها بمغادرة مكان العمل أو الدراسة، فإن بقيت تحت الضغط قد تصاب بانهيار، و إذا كان بإمكان المرأة المغادرة أو الهروب فإنها تصبح حذرة في علاقاتها، حيث ستظل التجربة السلبية راسخة بذهنها وبداخلها.



وفي حال كانت المرأة الطالبة أو العاملة ذات شخصية هشة غير متماسكة أو ضعيفة فسيؤثر ذلك كثيرا عليها في المستقبل فقد يصل بها الأمر لرفض الارتباط بزوج، لأنها سترى في كل الرجال صورة عن الرجل الذي تحرش بها جنسيا والذي بسببه كونت صورة سلبية عن الرجل.



وإن وصلت لتكوين أسرة فقد لا ينفع معها تغيير المكان أي أن تغيير الوضعية لن يؤِدي بها لتغيير فكرتها وانطباعها لهذه الأسباب و غيرها.



وإذا وقعت المرأة في شباك المتحرش بها، واستطاع التلاعب بها فقد يتعدى الأثر إلى المنزل، فقد تزهد المرأة في زوجها نتيجة العلاقة الجديدة، فتتغير المعاملة مع الزوج، وقد تتفاقم لتصل إلى طلبها الفراق والطلاق، لتعيش مع من قوض حياتها الهانئة سعياً وراء السراب.



وترك المرأة للعمل وعودتها للمنزل من أبرز آثار التحرش، حيث تفضل الكثيرات من النساء العودة لمنازلهن بعد تعرضهن للتحرش.



وهناك أثر بالغ على سير العمل وقوته، فالقبول لن يكون على أساس الكفاءة والمؤهلات، بل سيكون هناك عناصر جديدة في أولوية التوظيف، فالجمال وحسن المظهر، هما أهم الصفات المطلوبة في المتقدمة عند من نفسه مريضة بهذا المسلك المشين، فضلا عن المحسوبية في الأداء الوظيفي فيما بعد، وهذان الأثران على حساب العمل.



الاختلاط وعلاقته بحدوث هذه الظاهرة



يعترض العلمانيون على تأكيد الإسلاميين أن أسباب التحرش الجنسي للمرأة هو إظهارها لمفاتنها وعدم التزامها بالحجاب الإسلامي، ويتساءلون: هل جميع النساء بالأماكن العامة يتم التحرش بهن؟ ويقررون أن التي يتم التحرش بها هي من أظهرت مفاتنها وأبدت ليونة مع الرجال الأجانب وهذا من نتائج الاختلاط.



ويحتج العلمانيون بأن هناك حالات عديدة من الاعتداءات الجنسية وقعت حتى على النساء المحجبات، وإلا كيف نفسر الاعتداء على الأطفال؟ وكيف نفسر التحرش من طبيب، أو مهندس بخادمته؟ وهل يتصور أن الرجل أمام المرأة لا يستطيع التحكم بغريزته؟.



يرد د. أبو المعاطي حامد أستاذ الفلسفة الإسلامية على ذلك بالقول: إن الغالبية العظمى من الحوادث التي سمعنا عنها، سواء في الاغتصاب أو الخطف أو التحرش، والتي تحدثت عنها وسائل الإعلام، كانت لفتيات أو سيدات غير محتشمات في ملابسهن أو سلوكهن العام، ربما يكون حدثت في القليل النادر أمور مشابهة لفتيات أو سيدات محجبات، ولكن ذلك كان على سبيل الاستثناء.



فالسيدة أو الفتاة المحتشمة في ملابسها وفي سلوكها العام تفرض على الجميع احترامها وعدم التعرض لها.



دور الروادع الأخلاقية والدينية



تؤكد د. زينب رضوان أن الروادع الحقيقية تتعلق بسلوكيات الإنسان وأخلاقه في التعامل مع الآخر، والدين يُعلِّم الإنسان منذ نعومة أظافره أن للآخر حُرمة، ونطاق لا يستطيع أن يتعداه، حُرمة في المال، حُرمة في الحياة، حُرمة في العرض، ولتبدأ هذه التربية منذ الطفولة الأولى ونحن نتذكر هذا عندما يوجهنا القرآن الكريم إلى أن الطفل قبل أن يبلغ الحُلم عليه أن يستأذن، فلا يدخل على والديه في أوقات ثلاث: هي قبل الفجر، ووقت الظهيرة، وبعد العشاء، عندما يضع الإنسان ثيابه، منذ نعومة أظافره يعرف أن للآخر حُرمة عليه ألا يتعداها، والآخر ابتداءً من أبويه وانتهاءً بكل فرد في العالم الذي يعيش فيه، وهذا القيد الذي يُفرض على الفرد ليس قيداً يُقيد حركته، ولكن هو لصالحه، لأنه إذا قُيد الفرد نحو الآخرين فهذا القيد مفروض على كل المجتمع لصالحه، فأنا في الآخر الظافرة، لأن المجتمع كما قيدني في سلوكياتي قيد الجميع من أجلي، فيعيش الإنسان في حياة مستقرة آمنة بهذا الوضع.

ثم إن الدستور الأخلاقي الذي يوجه الإنسان في حركته تجاه مجتمعه مع الآخرين هو أكبر ضمان أن هذا المجتمع يسير في نطاق الفضيلة، وعلينا أن نتذكر أن الإسلام يريد مجتمعاً لا ينطق إلا بالفضيلة، ويحارب الفُحش بجميع صوره ولا يقبله، ويضع العقوبات التي تواجه الفرد إذا أراد أن يتعرض للآخر فيما يمس كرامته أو شرفه أو عرضه، أو أن يتعدى على ما يكون متعلقاً بحياته، هذا الأمر إذا تولى المجتمع تنشئة الأبناء عليه منذ البداية من خلال أجهزته المختلفة ابتداءً بالأسرة وبالجهاز التعليمي، وبالجهاز الإعلامي، وبالجهاز الديني، وبالأندية، وبالأجهزة الثقافية، استطاع المجتمع أن يوجد الفرد المتوازن المتماسك أخلاقياً الذي يستطيع أن ينتج ويتقدم بخطوات واسعة وواثقة نحو الرقي وأن يحافظ على كرامة كل فرد ولا يسمح بالتعدي على أي إنسان مهما كان حجم هذا التعدي صغيراً.



فالمجتمع الذي تشيع فيه الفاحشة لا يكون مآله إلا الدمار والانهيار، وهذا ما يرفضه الدين والإسلام بصفة خاصة، والأديان عموماً، لأن جميع الأديان تحض على الفضيلة وتدعو إليها وليس هناك دين يوافق على اختراق أو انتهاك حرمات الآخرين.



انهيار أخلاقي عام



ومن ناحيتها تؤكد د.عزة كريم الخبيرة في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن مجتمعاتنا بما تشهده حاليا من ازدياد معدلات العنف العائلي وعقوق الأبناء للآباء وارتفاع معدلات الجرائم الجنسية، وفي مقدمتها التحرش والاغتصاب، يجعلنا نجزم بأننا نعيش مرحلة انهيار أخلاقي للقيم، وترجع ذلك إلي الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتردية التي نعيشها حاليا‏‏. فكلما زادت وطأة هذه الظروف علي الإنسان بدرجة لا يستطيع تحملها - لاسيما في سن الشباب - يحاول الهروب منها والتمرد علي الواقع والتعبير عن رفضه له بسلوكيات إجرامية منحرفة كتعاطي المخدرات والبلطجة والتحرش الجنسي‏‏ حيث يظن أنه بذلك يحصل علي بعض من حقوقه الضائعة أو التي سلبها منه الآخرون لفسادهم‏.‏



وتوضح د‏.‏ عزة أن تلك الجرائم التي تسود مجتمعاتنا حاليا لا تعني أن الجيل الحالي من الشباب سيء‏‏ ولكن الحقيقة أنه جيل مجني عليه، فالظروف المحيطة به هي التي تجبره علي ذلك،‏‏ كما تؤكد أن مراكز البحث في بلادنا عاجزة عن بحث تلك الظواهر بجدية وإيجاد الحلول لها‏‏ طالما أن رؤساء تلك المراكز يأتون إلي مواقعهم غالبا من أهل الثقة الحكومية وهم يحرصون علي أن تكون صورة البلد جميلة أو أن كل شيء تمام ووصف أية ظواهر إجرامية يعاني منها المجتمع بأنها مجرد حوادث فردية‏.‏



بينما يرجع د. أحمد ماضي أبو العزايم أستاذ الطب النفسي مسئولية ظاهرة التحرش الجنسي على الأسرة التي أصبحت مفككة بفعل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية السيئة والقبيحة. ولكنه في نفس الوقت أكد أن نظمنا السياسية وحكوماتنا تتحمل نتيجة كل هذا فهي المسئولة عن المظاهر التي نراها الآن، ولو استمر إهمال الشباب والأجيال الصاعدة على هذا النحو فإن الأزمات سوف تتوالى وتصبح بلادنا في حالة ضياع حقيقية وفوضى عارمة لن ينجو منها أحد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :