هيبة الدولة من هيبة تطبيق قوانينها
د. عادل محمد القطاونة
26-10-2014 01:55 AM
وزارات ومؤسسات، دوائر وهيئات، اجراءات ومستندات ، تواقيع وأختام، تراخيص وتعاميم ، قوانين وتشريعات، انظمة وتعليمات، وبين ما هو مطبق ومغيب ، وضروري واستثنائي ، أصر البعض على اغتيال هيبة الدولة عبر كسر كل ما هو قانوني، فنظر الى الوزارة على أنها بيته الخاص ، واستبدل الاجراءات بالواسطات ، والتواقيع بالعلاقات ، والتراخيص بالتنفيعات ، ... !!
إن سياسة الاستثناء تارة والاستقواء تارة اخرى في تطبيق القوانين والأنظمة أسهم بما لا يحمل الشك في شعور البعض الكثير بالضعف والظلم ، كما وأسهم في شعور البعض الآخر بالقوة والعدالة ، وبين موازين الضعف والقوة والظلم والعدالة ضاعت الكثير من أبجديات الهيبة.
استثناء حكومي، تلزيم لعطاءات، شطب لمخالفات، منح وبعثات، اعفاء ضريبي ، تمرير جمركي ، استطاع الكثير منا تمريرها فوق القانون بقوة واسطة هنا وعلاقة هناك ، ضاربين الدستور بحائط المصالح الشخصية التي استنفذت مقدرات الوطن والمواطن. عشرات الموظفين الحكوميين من سائق وحارس ومزارع ومرافق أسهم كل منهم في تحقيق الاضافة المطلوبة في زعزعة هيبة الدولة ، فالمواطن كان ولا زال بانتظار القريب منه دون قيود المسؤولية والعنجهية متفائلأ بمسؤول يرى في نفسه المواطن الانسان الحريص على مقدرات الوطن كحرصه على مصالحه الشخصية.
هنالك اشارات ومعاني عميقة تستوقفنا جميعا عند التأمل في هيبة الدولة في الوقت الحاضر، يبرز في مقدمتهما شعور البعض بالظلم وازدواجية المعايير وقصور الشفافية في كثير من الحالات وتعاظم الفجوة ما بين الطبقة الغنية والفقيرة وإجحاف بعض التشريعات في تلمس هم المواطن !
لقد أضحت مواضيع الاستثناءات والتنفيعات من جهة والتهميش والاستبعاد من جهة أخرى مثاراً للجدل تستوجب الوقوف والتأمل ، ساهم في هذه الحيرة تعاقب الحكومات التي أغفلت ولسنوات طويلة جانباً من الأمن الاقتصادي والاجتماعي ولم تقرأ أفكار المواطن بشكل أكثر واقعية ومنطقية وفشلت في تطوير أنظمة رشيدة ومؤسسات قادرة على ضمان المشاركة المتوازنة لكافة الفئات وتحقيق العدالة في توزيع الثروة بين مختلف أطياف المجتمع كما وتناست بعضاً من إحترام التنوع الفكري.
إن هيبة القوانين وتطبيقها على الجميع دون تمييز بين مواطن وآخر يستلزم مواجهة كافة الحقائق الوطنية بنظرة أكثر شمولية وواقعية ، فالفقر والبطالة والجريمة والدين وتنمية المحافظات والضريبة والتعليم العالي وغيرها من الأمور ذات الصلة أسهمت في اعادة صياغة معادلة الوطن والمواطن.
اخيرا وليس اخراً فان وطنا يميز بين فقير وغني ، ابن مسؤول وابن موظف ، تعج اروقته بالاستثناءات ، يطبق القانون تارة ويستبعده تارة أخرى ، يهمش بعض ابناءه ، ويقلل من شان الكثير من انجازاته ، يستوجب من الجميع اعادة النظر في مفرداته الوطنية وتقديم المعلومات الكاملة لاي استثناء هنا أو هناك ، معلومات عن دخول بعض المسؤولين، معلومات عن المبتعثين والمستبعدين ، توفير قواعد بيانات وطنية تضمن معرفة الجميع بحقوقه وواجباته ، تبحث في تعزيز مفهوم الولاء والانتماء عبر عمل وطني يعزز أهمية تطبيق القانون حتى يصبح العدل حقيقة والهيبة نتيجة .