اذا كان هبوط اسعار النفط مقصوداً به معاقبة روسيا وايران, فعالم الفقراء ممتن لهذه العقوبات على الرغم من ان المبدأ في العقوبة يجب ان لا يكون قائماً في ظل الامم المتحدة وميثاقها, واتفاقات حرية التجارة الدولية!!
من المؤكد ان روسيا هي المصدّر الاول للطاقة في اوروبا, وانبوب الغاز الممتد من سيبيريا الى الاطلسي يساهم بـ 27% من الطاقة في الدول الخمس الصناعية الاوروبية. لكن روسيا, وهي التي اثارت الازمة الاوكرانية, تعرف ان الرد على عقوبات التسعير لا يكون على طريقة التهديدات الايرانية باغلاق مضيق هرمز.
فالغاضب الايراني يهدد الاخرين بانتحاره. وموسكو دولة قوية ليست بحاجة الى التهديد, وانما هي تستجيب للعقوبة باجتراح ابواب اكثر قوة للدفاع عن مصالحها. فتجربة العقوبات ستعطيها الفرصة لايجاد مداخل لمزيد من التقدم التقني, والمزيد من القيم المضافة فتصدير الطاقة الروسية ليس لشراء البضائع الاستهلاكية وانما للاستثمار في مجالات صناعية جديدة تضيف الى صناعاتها, وتدفع بالتصوير الى اعلى ارقام وصلت اليها في تاريخها.. فصناعة السلاح والقوة النووية لم تعد تستأثر بالصناعات الروسية.
ايران تعاني من العقوبات لسببين:
-الاول اصرارها على انتاج سلاح لا تستطيع استعماله او التهديد به.. وهو السلاح النووي.
-الثاني اصرارها على تدمير المنطقة العربية والاسلامية من حولها باثارة العصبيات المذهبية.. وذلك استجابة لاحلام تاريخية في اقامة امبراطورية مرّت في التاريخ كما تمر الاحلام على النائم. ولنأخذ النماذج الاربعة القائمة:
-فحزب الله لن يحكم لبنان لانه حزب طائفة من تسع طوائف رئيسية في لبنان.
-واحزاب الدعوة والمجلس الاعلى والتيار الصدري لا يمكن ان تحكم عراقاً قوياً متماسكاً لانها احزاب طائفة في بلد يضم العرب والسنة والاكراد والاشوريين والصائبة والايزيديين.. وغيرهم.
-والعلويون لن يستطعيوا حكم سوريا اذا اسقطوا القناع العروبي القومي البعثي. لأن العلويين اقلية لا قناعة لاكثريتها بالاستفراد في حكم سوريا..
-وفي اليمن تنشط الحوثية الزيدية هذه الايام وفي ذهن اليمنيين حكم الامامة, وحميد الدين المتوكل على الله.. فهناك الشوافع, وهناك مجموعات اليمن الجنوبي التي ما تزال على قناعة بأن الوحدة اعادتها الى نظام عشائري.. وهي المجتمع الذي انتقل من مستعمرة التاج في عدن, الى الماركسية, الى اشتراكية الانقلابات والصراعات المسلحة!!
ايران تستطيع اثارة المشاكل في العراق وسوريا ولبنان واليمن.. لكنها لا تستطيع حكمها. او السيطرة عليها, ذلك ان طهران ليست وحدها اللاعب في المنطقة.. حتى اذا افترضنا ان عربها يتفرجون على ما يحدث وليسوا اصحاب القرار!!
العقوبات على روسيا.. غير مؤثرة والعقوبات على ايران.. قاتلة!!
(الرأي)