بينما كانت السيدة دينا قعوار، مندوبة الأردن في الأمم المتحدة، تحذر دول العالم من النتائج الوخيمة لممارسات إسرائيل في القدس المحتلة، وتناشد مجلس الأمن التدخل لوقف الاستفزازات المتكررة من قبل المستوطنين بحق المسجد الأقصى والمصلين والعاملين في الأوقاف، كان زعيم العصابات الصهيونية التي تقتحم "الأقصى" يوميا، وزير الإسكان الإسرائيلي أوري أريئيل، قد عاد لتوه من رحلة سياحية في الأردن بصحبة زوجته المصون، استمرت عدة أيام، زار خلالها البترا، وعدة مواقع سياحية في المملكة.
تلقى أوري نصيحة من أجهزة الأمن الإسرائيلية بعدم القيام بالرحلة للأردن، لكنه أصر على قراره. وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية وتصريحات مدير مكتبه، حظي هذا الإرهابي الوضيع خلال الزيارة بحماية أمنية أردنية، إلى جانب حراسه الإسرائيليين.
أوري أريئيل لمن لا يعرف، هو أحد زعماء حزب "البيت اليهودي"؛ الحزب الأكثر تطرفا ويمينية في إسرائيل. ويفاخر هذا الإرهابي بعدائه لعملية السلام، ورفضه المطلق لفكرة الدولة الفلسطينية. وهو من موقعه كوزير للإسكان، يشرف على تبني خطط توسيع المستوطنات والبناء في كل مكان بالضفة الغربية. وفي حوار معه على إحدى الفضائيات، نعت العرب والفلسطينيين بأقذع الأوصاف.
في الأشهر الأخيرة، تخصص أوري بقيادة أعمال البلطجة في الحرم القدسي؛ فهو يقف على رأس كل المجموعات الصهيونية التي تقتحم المسجد الأقصى حاليا. قبل أن يحل ضيفا علينا بأيام قليلة، كان هذا الإرهابي على رأس مجموعة اقتحمت المسجد، يرافقه وزير الأمن الداخلي. والآخر من نفس طينة أوري الإرهابية.
أوري ليس إرهابيا فحسب؛ بل شخص مقزز يتحدث على الشاشة بطريقة استفزازية ومقرفة، لا يمكن لمشاهد سويّ أن يصبر على الاستماع له دقيقة واحدة. لا أدري كيف يمكن لمسؤول أردني أن يطيق الجلوس معه، أو أن يستقبله! لا بد أن أحدا من مسؤولينا قد استقبله؛ فهو ضيفنا!
في العادة، تحرص الجهات الحكومية على الترويج لزيارة المسؤولين الأجانب إلى المناطق السياحية في المملكة، وتنشر صورا لهم أمام الخزنة في البترا. وهذا عمل جيد من دون شك. لكن زيارة الإرهابي أوري جرت بتكتم شديد، ولم نكن لنعرف بها لولا أن مصادر إسرائيلية كشفت عنها.
المسؤولون الذين تكتموا على الزيارة كانوا على حق؛ لأنها بالفعل عمل مخجل لا يليق بنا. بماذا يمكنهم أن يبرروا السماح لهذا الإرهابي بدخول الأردن؟ ماذا نقول للناس؟ في الليل، نزبد ونرعد في إدانة الممارسات الصهيونية بحق المسجد الأقصى، وفي الصباح نستقبل البلطجي الذي يقود قطعان المستوطنين في باحات الحرم!
ماذا تبقى من مصداقية لمواقفنا؟!
أوري لمن لا يعرف من المسؤولين الجهلة، ما يزال يؤمن بأن دولة الفلسطينيين شرق النهر لا غربه. لقد سمعته يتحدث بفجور عن هذه القناعة في برنامج وثائقي أعده صحفي غربي عن المستوطنين في الضفة الغربية، وبثته فضائية "الجزيرة" قبل أشهر. واعتبر موافقة اليهود على مثل هذه الدولة شرقي النهر تنازلا منهم عن أرض لهم أيضا! "لكن في سبيل السلام يهون تنازل كهذا"، قال أوري أريئيل بتبجح.
إرهابي بكل هذه المواصفات كان في ضيافتنا؛ تخيلوا!
(الغد)