انتخابات رئاسة المجلس وأثر عشوائية التوجهات النيابية
المحامي خلدون العجارمة
22-10-2014 02:51 PM
على الرغم من ما تلعبه انتخابات رئاسة المجالس النيابية في الديمقراطياتالحديثة من إبراز المعالم الرئيسية في ادارة الشأن العام للدولة الا ان المتمعن في الشأن البرلماني الاردني يلمس جلياً خلو الحياة النيابية الاردنية من امكانية إضفاء أي طابع لكيفية ادارة الشأن العام التي يمكن تحديد أبرز معالمها من خلال اختيار رئيس مجلس النواب ؛ فلا تقتصر العلاقة بين الحكومة والبرلمان على الوظائف المحددة دستورياً فمن الناحية السياسية يعكس اختيار النواب لرئيس مجلسهم الاساس الذي ينوي مجلس النواب التعامل على اساسه مع الحكومة والتي قد تتمثل في شخصية رئيس المجلس أو بتوجه الأغلبية التي دعمت رئيس المجلس للفوز بهذا المنصب.
وبإستعراض الاسس العملية التي تقوم عليها انتخابات رئاسة مجلس النواب الاردني يتبين مدى صعوبة توصيف ما يمكن ان تكون عليه العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب وهي المعلم الأهم الذي من المفترض ان يتم استقرائه خلال انتخابات الرئاسة حتى وفي ضل غياب الحزبية داخل مجلس النواب، وما يعزز هذه الحقيقة هو غياب المعارضة الممنهجة والمبرمجة فلا يمكن تحديد ما اذا كان مجلس النواب سيمارس دوره الرقابي بقساوة في مواجهة الحكومة أم سيختار الاعتدال أو الانصياع الكامل لإرادتها.
وهو الأمر الذي لم تستطع رسمه التكتلات التي تنشأ عقب الانتخابات النيابية والتي من المفترض ان تشكل البديل الحزبي، وهي الكتل التي غالباً ما يتم توصيفها بالكتل الهلامية دلاله على مدى ضعف تلك الكتل وغياب أي نوع من انواع خطط العمل لديها، وخصوصاً فيما يتعلق بانتخابات الرئاسة والتجارب كثيرة حيث أنه وفي كثير من الاحيان لا يكون هناك التزام تام من جميع اعضاء الكتلة لدعم مرشح معين على الرغم من الموقف العام للكتله لدعم ذلك المرشح، كما ان عملية انتخاب رئيس المجلس تتم ضمن مدة محدد حيث تنشط الاتصالات النيابية قبل الانتخابات بمدة وجيزة ويتم خلالها بناء التحالفات التي سرعان ما تنهار خلال مدة وجيزة عقب اعلان النتائج ، كما ان المطالع للشأن النيابي والعارف بشخوصه يلمس بموضوع غياب برامج العمل للمرشحين والخطط المستقبلية، مما يجعل تطوير أداءالعمل داخل المجلس أمر في غايةالصعوبة وذلك للارتباط الوثيق بين المسألتين؛ حيث تلعب مسألة رئاسةالمجلس دوراً بالغ الأهمية في أداء المجلس وتوصيفه بالقوةأوالضعف.
وعلى الرغم من وضوح الرؤى الملكية في عملية الاصلاح السياسي ووضوح الخارطة للتحول الى الحكومات البرلمانية لا تزال الغالبية من النواب بعدين كل البعد عن استثمار الفرصة وركوب عجلة التغيير المنشود وهو ما تعكسه تحركات انتخابات رئاسة المجلس القادم.
مما ادا الى ان اصبح مجلسنا النيابي أقرب ما يكون الى مجلس تسيير أعمال يقتصر على الوظائف التقليدية في التشريع والرقابة ولا ننكر بأن هذه الوظائف هي من صميم عمل مجلس النواب ولكن الحديث هنا عن الخط الفاصل ما بين الروتين والابداع في أداء تلك الوظائف.
وابعد من ذلك انه وخلال الفترة الماضية ورغم تعاقب وتنوع رؤساء مجالس النواب لم يتم رسم معالم واضحة لتلك العلاقة وهو ما يعد المؤشر الاخطر عن مدى اختلال العمل النيابي، حتى انه لم يتم ارساء أي ضوابط عرفيه بكيفية تحديد المعالم الرئيسية للعلاقة بين الحكومة والبرلمان وهو ما لا يتفق مع طبيعة ونشأت الانظمة البرلمانية والتي تتكون معظمها من أعراف استقرت بالممارسة والرضاء الضمني عن هذه الاعراف.
والأغرب من ذلك بأنه من الصعوبة حتى استقراء ارتكازات المرشحين أنفسهم على زملائهم من النواب ففي بعض الاحيان يتم الاستناد الى الى الكتل ومايعتريها من مشكلات تحول دون التزام أعضاها وفي احيان اخرى يتم الاستناد الى العشائرية الأكثر تمثيلاً في المجلس وما يتخللها من علاقات شخصية.
ومن هنا فعلى مجلس النواب ضرورة التنبه والبدء بالعمل وانشاء التكتلات التي تتصف بالاستمرارية والعمل البرامجي والابتعاد عن الشخصنة التي طغت على المجلس مؤخراً، ليتجنب اسقاط نفسه وظيفياً وليكون في موقعه كركن أساسي في عملية الاصلاح السياسي.