الدكتور العبادي محاضراً، التحديات والأسئلة المشروعة؟!!
د. زيد نوايسة
22-10-2014 02:31 PM
قدر لي أن استمتع مساء الثلاثاء 21/10/2014، إلى محاضرة سياسية هامة ومتميزة في النادي الارتوذكسي، قدمها السياسي والبرلماني والوزير الأسبق د. ممدوح العبادي، حملت عنوان "التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه المملكة" وقد تم التركيز فيها على المخاطر التي تواجه الأردن، وتؤثر على مستقبله واستقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وما هي المآلات النهائية للحالة المضطربة في الإقليم والمنطقة عموماً!!.
والحقيقية هنا أن تجربة المحاضر النقابية والسياسية والبرلمانية والوضوح والجرأة التي يملكها تؤهله لتقديم رؤيا قابله للنقاش، وطرح الأسئلة المشروعة في أذهان الناس حول الهواجس والمستقبل والقلق المبرر للمكونات الأخرى التي يتشكل منها نسيجنا الوطني!!، فنحن نعيش زمن الإلغاء والإقصاء وهدر الإنسانية وكرامة الإنسان بفعل هيمنة الفكر التكفيري والداعشي في الإقليم بصورة لم تشهدها الأمة في أسوء عصور الانحطاط والظلام!!.
المحاضر لم يكن تقليديا في الطرح على غير عادة الكثير من السياسيين الذين يتماهون حد الانصهار مع رؤية وتصور من هم في دفة الحكم،بل أن مهارة ودقة جراح العيون وبراعة السياسي والبرلماني والنقابي صاحب التجربة الطويلة بدت واضحة وشكلت انطباعات ايجابية للحضور الذين مثلوا مختلف النخب والشرائح الاجتماعية، على أن التواجد اللافت كان "للعمانيين" الذي يحملون مشاعر خاصة لعمدة مدينتهم الأسبق" الدكتور العبادي"،فهو في رأيهم صاحب السقف المرتفع في الانجاز خلال توليه الأمانة، ذلك السقف الذي خلق تحديا كبيراً لكل من تبؤ الموقع من بعده!!.
لن أتوسع في سرد ما جاء في المحاضرة، فهي موجودة في الصحف وعلى المواقع الالكترونية، ولكني اعتقد أنها ستشكل حراكا سياسيا واجتماعيا خلال القادم من الأيام، فالعناوين الرئيسية للتحديات ركزت على قضايا تتعلق بالشأن المحلي وقضايا الإصلاح السياسي ومكافحة الفساد والولاية العامة والثقة المهتزة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية!!، على أن المهم هنا هو تركيز المحاضر على الحرب على الإرهاب وخطيئة استمرار استقبال اللاجئين السوريون، والدعوة لعودة جزء منهم للمناطق الهادئة وعدم غلق أبواب التواصل مع الدولة السورية، والدعوة لقيام محور أردني سعودي مصري يقوم بالحوار مع الدولة السورية والقوى الإقليمية (إيران وتركيا)، في محاولة للوصول إلى حلول تجنب المنطقة مزيدا من الدمار والفوضى وتسعى لتبديد حالة القلق والهواجس المسيطرة على الجميع!!.
معظم ما قدمه المحاضر الدكتور العبادي مهم ومطروح وقابل للنقاش وفيه رؤى وكلام كثير، لكن ما لفت انتباهي هو توقيت المحاضرة ومكانها والمدلولات التي تعكسها، ففي زمن يتعرض فيه الشريك الأخر في منطقتنا العربية لأقصى حملات التكفير والإلغاء والإقصاء والبشاعة والتهديد وازدياد الهواجس والقلق المبرر لدى الجميع!!، جاءت إشارة المحاضر المهمة والملحة إلى التذكير بالعيش المشترك وأهميته بين المكونين الرئيسيين في الأردن ومن على منصة النادي الارتوذكسي لتؤكد بوضوح مطلق لا يتسرب إليه الشك بأن المسيحيون كما المسلمون في الأردن هم بناة الوطن وذخيرته في الملمات والصعاب، وان إيمان المسيحيون بعروبتهم ولغتهم العربية مقدس وفوق كل نقاش، فقد كان الأوائل منهم أساتذة في العروبة والانتماء حملوا معهم تراثها أينما حلوا وحيثما ارتحلوا وهم من تصدى وثار ورفع لواء العروبة إبان الحقبة الاستعمارية وخصوصاً التركية التي بدأت تطل برأسها من جديد!!.
ختاماً، كانت المحاضرة استثنائية وقيمه، يستحق النادي الارتوذكسي والقائمين عليه الشكر والثناء على جميع أنشطتهم الثقافية والسياسية المتميزة، والشكر موصول للسياسي والوزير الأسبق الدكتور ممدوح العبادي على قراءته الهادئة والموضوعية والجريئة.