"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لَعَلِمَه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا" – النساء 83
كما تحققت نبوءات برتوكولات حكماء صهيون التي اشتهرت لأول مرة في العام 1901 والتي تهدف إلى سيطرة اليهود على العالم من خلال إشعال الثورات والحروب وتحييد الدين والسيطرة على المال والإعلام ونشر الرذيلة، وكما نفَذ قرار مؤتمر بازل في سويسرا عام 1897 الذي أقامته المنظمة الصهيونية العالمية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فإننا نعيش هذه الأيام تنفيذ بنود الخطة الصهيونية للقرن الحادي والعشرين، وعنوانها الاستراتيجية الإسرائيلية لإسرائيل الكبرى.
هذه الخطة نشرت لأول مرة في عام 1982 بالعبرية في مجلة "كيفوئيم" التابعة لمنظمة الصهيونية العالمية، وهي وثيقة حقيقية مفصلة لرؤية الصهاينة للمنطقة، ترجمها اسرائيل شاحاك -المفكر اليهودي المناهض للسياسة الإسرائيلية- إلى الانجليزية بطلب من المفكر العربي الأمريكي الراحل إدوارد سعيد.
تنطلق هذه الخطة من فرضية شيطانية تقول "حتى تستمر إسرائيل بالعيش في القرن الحادي والعشرين عليها أن تكون القوة الوحيدة في المنطقة" ولا يتأتى ذلك إلا بتقسيم الدول العربية إلى كيانات صغيرة إثنية تتنازع مع بعضها، وتحث الخطة على إشاعة الفوضى في العالم العربي، وتقسيم العراق إلى ثلاثة دويلات، وتقسيم سوريا والسودان وليبيا ومصر وجعل لبنان دولة ضعيفة فيها بواعث الانشقاق والاقتتال الداخلي.
نحن شهود على أن جزءا من الخطة قد تحقق من تقسيم السودان، وتقسيم قادم للعراق وتدمير كامل لسوريا قد تكون نتائجه دويلات، وفوضى وتناحر غير مسبوق في العالم العربي، وجزء من الخطة لم يتحقق وهو الجزء الذي يتعلق بالأردن وتوأمه الفلسطيني، ففيما يتعلق بالأردن تقول الخطة أن الأردن لديه قوة عسكرية، ويشكل تهديدا مستقبليا لإسرائيل ما لم يتم حله وإنهاء النظام السياسي فيه، ونقل الحكم إلى نظام سياسي ضعيف يستقطب فلسطينيي 67 و48 إلى وطنهم الجديد ولا يستوعبهم، فيشتغل الأردنيون، شرقيون وغربيون ونازحون، بحروبهم الأهلية عما يجري حولهم على غرار ما يحدث في العراق، وهذا ما يجب تحقيقه بالسلام أو بالحرب، أما على الجانب الفلسطيني فيجب إشاعة الانقسام الفلسطيني الداخلي والحيلولة دون توحد الفصائل الفلسطينية بأي شكل من الأشكال، وعدم تكرار الخطأ السابق في إعادة أراضي.
وهنا نحن أمام سؤال مهم، لماذا تنشر مثل هذه الدراسات؟ حتى يعرف اليهود في أنحاء العالم بها ويحشدوا لها الدعم، ولأنهم أركنوا إلى أننا لا نقرأ وإذا قرأنا فإننا لا نحلل، وإذا حللنا فإننا لا نخطط، وعادة فإننا لا نأخذ أية وثائق أو مؤتمرات صهيونية بجدية، ولأننا ضعفاء ومفككين فإن معرفتنا من عدمها واحد!
إذن نحن أمام خطة واضحة المعالم لا تقبل الجدل، وليست نظرية مؤامرة من ضروب الخيال. بعض الدول العربية دفعت استحقاقات الخطة وبعضها على الطريق، أما الأردن فهنالك استهداف حقيقي مصرح عنه سواء علينا إن وقّعنا أو لم نوقع معاهدة سلام، وبرأيي إن ما يتعرض له الأردن وقيادته من تشويش وبث الشائعات لا يدخل إلا في تنفيذ هذه الخطة.
وبعضنا للأسف الشديد يقوم بالترويج لهذه الاشاعات التي تهدف الى زعزعة استقرار الوطن وبث الشك في قيادته وإضعاف هيبة الدولة، وبدون قصد أصبحوا تروسا تدير عجلة هذه الخطة الشيطانية.
علينا أولا أن نعي أن هنالك خطة حيكت وتحاك ضد أوطاننا، وأن أمن الأردن واستقراره والإيمان بقيادته هو فوق أي اعتبار وأولوية أولى، وثانيا علينا التحقق قبل المشاركة في نقل أية إشاعة من شأنها التشكيك في مصداقية وطننا ونظامه السياسي، وكما تقع علينا هذه المسؤولية فعلى الحكومة مسؤولية أكبر من إعادة ثقة المواطنين بها والتحلي بدرجة كبيرة من الشفافية، ومنح صلاحيات للشعب ليقف أمام الإملاءات التي تضر بمصلحته وتثير نقمته، وإتاحة المعلومة للمواطن وبخاصة في الأحداث الحرجة، ونقل الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومكافحة الفساد نقلة نوعية تكفل صمود الوطن في وجه هذا المكر الشديد.
نحن المرابطون لنا أجر المجاهدين كماجاء في الحديث الصحيح، ومن بديهيات رباطنا المحافظة على وطننا وقيادته وأن لا نكون جزءا من مخطط شيطاني للنيل من هذا الوطن.