هل لـ"داعش" تنظيم في الأردن؟
فهد الخيطان
22-10-2014 03:49 AM
هل لـ"داعش" تنظيم في الأردن، أم مجرد متعاطفين فقط؟
وزير الداخلية حسين المجالي، يتبنى الخيار الثاني. ولا شك أنه، ومن موقعه الأمني، يملك المعطيات التي تدفعه إلى القول بأن "الأردن يخلو من التنظيمات الإرهابية، ولا وجود لها على أراضيه". ويضيف أن "هناك أفرادا يؤمنون بالفكر الإرهابي، ولكنهم لا يرتقون إلى مستوى التنظيم". والاقتباسات الأخيرة وردت على لسان الوزير في جلسة حوارية نظمتها أندية الروتاري في الأردن، ونشرتها الصحف أمس.
لكن بعد تقليب صفحات" الغد" يوم أمس، يبدأ المرء فينا يتحسس رأسه. فمقابل تطمينات المجالي بخلو الأردن من التنظيمات الإرهابية، تعج الصحيفة بأخبار محاكمات عناصر أردنية يتهمها الادعاء العام بتجنيد شباب أردنيين للقتال مع "داعش" في سورية. وقضية ثانية يحاكم فيها 12 أردنيا بتهمة "الالتحاق والترويج والتجنيد لجماعات مسلحة وتنظيمات إرهابية". وفي قضية ثالثة، حكم بالسجن سنتين على متهم لانضمامه إلى المقاتلين في "جبهة النصرة".
في القضية الأولى، معلومات مثيرة للاهتمام عن أربعة شباب يقومون بعمليات منظمة لتجنيد مقاتلين لداعش، وتمويل سفرهم، بالتنسيق مع وكلاء لتنظيم "الدولة الإسلامية" في تركيا.
إذا كان كل هذا النشاط لا يعد تنظيما، فما هو التنظيم في تعريف وزير الداخلية؟! ربما يقصد بوصفهم بـ"المتعاطفين" أنهم، ولغاية الآن، لم يستهدفوا الأردن داخليا، ولم يخططوا لعمليات إرهابية داخل الأردن.
وهذا صحيح. لكن من يملك القدرة على التجنيد والتمويل لعمليات في الخارج، يمكنه أن ينتقل إلى الداخل بسهولة، تبعا لتعليمات قيادة التنظيم التي تشير معطيات القضية إلى ارتباط العناصر الأردنية بها؛ لوجستيا وماليا. والسؤال عن التمويل مهم؛ فمن أين جاءت الأموال لتأمين نفقات سفر مئات من الشباب الأردنيين إلى تركيا خلال السنتين الأخيرتين من عمر الأزمة في سورية؟
يمكن الرد هنا بالقول إن "المتعاطفين" هم من يدفع أثمان تذاكر السفر إلى تركيا، وهؤلاء بخلاف "المتعاطفين" الذين يتحركون ميدانيا لتجنيد الشبان، وثمة "متعاطفون" غيرهم لتسهيل عمليات السفر. وبعض من يلتحقون بالجماعات الإرهابية في سورية لهم عائلات تحتاج لمن ينفق عليها، أو التسهيل على المقاتلين توصيل الأموال لهم من سورية. وهذه مهمة تحتاج لمتعاطفين أيضا.
نحن في الواقع أمام شبكة معقدة وعريضة؛ أقل من تنظيم وأكبر من مجرد متعاطفين. شبكة في طور التحول إلى حالة منظمة. والانتقال في هذا الاتجاه يتم بسرعة، مدعوما بنجاحات "داعش" في العراق وسورية، وتنامي المشاعر الطائفية في البلدين، واتساع قاعدة الاحتضان في البيئة الأردنية للفكر المتطرف.
والتحول في الحالة الأردنية لن يكون شبيها بالتجربتين العراقية والسورية، للاختلاف الجوهري في الظروف. السجون التي تضم في جنباتها اليوم ما يفوق المائة متطرف سلفي، ستكون أحد أهم المرافق التي تشهد ولادة الحالة التنظيمية، يضاف إليها المئات من المقاتلين في سورية، ومن بين هؤلاء قيادات أردنية غادرت المملكة مؤخرا، والتحقت بدولة الخلافة، والمرجح أن أحلام الخلافة في الأردن لن تغيب عن بالها.
"داعش" ليس تنظيما في الأردن كما يقول وزير الداخلية؟ ربما، لكنه في الطريق لأن يكون كذلك. هي مسألة وقت لا أكثر.
(الغد)