ليته نيسان و بالتحديد الأول من نيسان ! لتكون كذبة تتبخر بعد دقائق أو ساعات ، هذ ما تمنته اسرة الجامعة الالمانية الاردنية وسط حالة من الذهول والسخط؛ فور ابلاغهم بقرار وزارة التعليم العالي والبحث العملي وقف علاوة التأسيس ، والتي اصبحت جزءً أصيلاً لا يمكن الاستغناء عنه من تركيبة أعضاء الجامعة مالياً واجتماعياً وابداعياً، والذي تكيف معها ووظفها حياتياً لمواجهة سرطان ارتفاع كلف متطلبات الحياة عليه وعلى اسرته.

قد أفهم بأن مبرر ايجاد علاوة التأسيس - باعتبارها علاوة زئبقية تتساوى والراتب الاساسي للعضو- هو السعي لإغراء الكفاءات العلمية والادارية المختلفة للمساهمة ببناء المؤسسة الجامعية الجديدة ، . ولكن الذي لا افهمه هو العجز والقصور عن كيفية التعاطي مع هكذا ملفات ملتحمة بحياة ومستقبل الافراد، وكأننا نحسن و نعرف كيف نبدأ، ولكن للأسف لا نعرف كيف نستمر؟! بمعنى أن من السهولة بمكان اتخاذ قرار وتعليله بأنه قانوني دون أدنى ادراك للتبعات المترتبة على ذلك سيما وأن الامور المالية عادة ما يفضل عدم المساس بها لأن خسارتها أو خسارة جزء منها يرتب عليه نقمة وغضب بالمفهوم الواسع.

لنتفق ابتداءً بأن رواتب الأكاديميين في الأردن في أسوأ حالاتها مقارنة مع نظرائهم في الاقليم على الأقل، مربوطاً بغلاء المعيشة وكل سياسات " الرفع" المتبعة على المواطن لا له . ولا شك بأن هناك حالة من الترقب والانتظار تلف المجتمع الاردني بأكمله لرؤية تغيير على أرض الواقع من قبل الحكومات لترجمة توجيهات جلالة الملك فيما يخص ادارة ملف التعليم في الاردن وبالأخص التعليم العالي، وبالمقابل تسمع للأسف بهكذا قرارات غير مدروسة من شأنها التمهيد لخلق حالات من الاضطراب وعدم الاستقرار لتضرب أوصال المجتمع الجامعي طلبة و أعضاء.

لماذا تريدون افشال نماذج النجاح الوطنية مع الاصدقاء والشركاء ؟ هل أنتم مصابون بفوبيا نجاح الآخرين ؟ و لماذا البحث و"نبش" كل ما من شأنه التأسيس لحالة من الاحتقانات الشعبية ؟ هل تعشقون رؤية الجامعات الاردنية المعنية ومنها الالمانية، والتي أشار لنجاحها جلالة الملك في احدى زياراته لألمانيا كنموذج للشراكة المعرفية تتوقف عن العمل؛ احتجاجا على قراركم غير الحكيم ؟ هل هذه هي الرسالة التي تريدون ايصالها للجميع ، اختلاق أزمة ثم حلها كنتيجة لنظرياتكم الـ انشتاينية ؟ هل هذا تعبير عن تقديركم للكفاءات العلمية ؟ وهل يقتصر دور الحكومات الوطنية على إدارة ملف احتجاجات فئوية هنا وهناك، في ظل قصور واضح بملفات عديدة محلية وإقليمية ودولية ؟ و هل تقزم دور الحكومات و "انكمش" ليؤدي دوراً هامشياً في مسلسل التنمية الشاملة ؟.

هنا لا تغيب العدالة فقط بل يرافقها المنطقية والعقلانية، من يستطيع منا ان يفقد فجأة جزءًا كبيراً من راتبه الذي لا يملك دخلاً غيره خاصة الاكاديميين؛ الذين لا يتقنون صنوف وفنون التجارة وغيرها، وجل تركيزهم و اهتمامهم ينصب على البحث العلمي والارتقاء بالشباب الجامعي الاردني من خلال خلق الشخصية الوطنية الاردنية المُركبة من العلم والمعرفة والاخلاق وقيم الانتماء الحقيقي.

لعل الحرص على صورة ناصعة لهذا المكون أو ذاك هو مطلب و غاية الجميع، ولا اعتقد بأن اولى خطوات التعاطي الرافضة لهذا القرار من قبل اسرة الجامعة الالمانية الاردنية ، والتي تشكلت بشكل عفوي وشخصي، والتي من المفترض أن يتم تنفيذها اليوم بحرم الجامعة ، ما كانت لتتأجل لولا التطمينات من ادارة الجامعة عن جدية التعاطي والتواصل مع وزارة التعليم العالي لإيجاد مخرج يعيد الامور لسابق عهدها ، في ظل وجود حالات سابقة ومشابهه تم حلها يستند اليها لبعض الجامعات والتي عايشت التجربة ذاتها.