التسريبات المتعلقة باجتماعات لجنة التنمية التابعة لمجلس الوزراء، تشير إلى تغيب بعض وزراء الفريق الاقتصادي، وأعضاء آخرين في اللجنة، عن تلك الاجتماعات. فيما المستغرب التزام وزراء سياسيين بالحضور، منهم وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، بشكل مكثف، رغم عدم الاختصاص.
عدم الحضور هذا يكرس فكرة مهمة، هي الافتقار إلى فريق اقتصادي برؤية موحدة منسجمة، تقوم على تحديد الأهداف. وبالتالي، افتقاد صيغ مشتركة للتعاطي مع القضايا الاقتصادية المختلفة، رغم أن القناعة لدى صانع القرار هي أن مشكلة الأردن والتحدي الأكبر الذي يواجهه، اقتصادي تنموي.
بعد عامين من عمر حكومة د. عبدالله النسور، لا بد أن الرئيس يعي هذه المعضلة، وهو على الأغلب يدرك نقاط الضعف في فريقه الاقتصادي الذي يعجز بعض أعضائه عن اللحاق برؤية النسور نفسه، فكيف الحال فيما يتعلق بتحقيق طموحات الأردنيين؛ توفير حياة أفضل، عبر إحداث نقلة حقيقية في الاقتصادي الوطني؟!
بعد 24 شهرا من عمر الحكومة الحالية، ومع الإقرار بأنها ورثت تركة اقتصادية ثقيلة، كما داهمتها تطورات لم تكن بالحسبان، مثل تزايد اللجوء السوري، يظل السؤال المطروح: ما الذي تغير؟ هل يبذل المسؤولون جهدا يعكس إدراكا لحجم التحديات؛ أم أن العمل لا يختلف في وتيرته عن ذاك الذي كانت تقوم به حكومات سابقة، ضمن ظروف أفضل من الحالية بكثير؟
بالتفصيل؛ تمضي العلاقة مع صندوق النقد الدولي بشكل مقبول وسلس عموماً، والمؤشرات النقدية جيدة. إلا أن خطة الحكومة الاقتصادية للسنوات العشر المقبلة تقوم على جهد شخصي للوزير المعني، مع الحد الأدنى من الاستجابة من قبل الوزارات المختلفة؛ بما يُظهر عدم اكتراث الوزراء بالخطة. وهو ما تجلى في حضور هؤلاء لليوم الوطني لإطلاق الخطة؛ إذ حضر بعضهم الجلسة الافتتاحية، فيما غابوا عن الجلسات المخصصة لقطاع كل منهم!
غياب الانسجام يلقي بظلاله على أداء الاقتصاد والمؤشرات المالية؛ فترى النمو الاقتصادي المتحقق أقل من الطموح، وغير كاف، بالنتيجة، لمواجهة تحديات المرحلة الحالية.
الأداء الحكومي المتواضع على الصعيد الاقتصادي، انعكس على مزاج رجال الأعمال؛ فتجدهم يبثون مُرّ الشكوى من عجز الحكومة عن خلق الفرص واستثمار الموجود منها، كما التخلص من الطريقة التقليدية في إدارة الملف الاقتصادي.
البلد في وضع يتطلب من الجميع التكاتف لتحقيق قفزة في الاقتصاد. والحديث يشمل تجيير كل خطوة ممكنة لأجل هذا الهدف، واستخدام جميع الأدوات المتاحة؛ بما في ذلك السياسة الخارجية التي تقف صامتة محايدة بشأن قضايا من قبيل تشجيع الاستثمار وزيادة المنح الخارجية، اعتمادا على الدور الجيوسياسي الكبير الذي يلعبه الأردن في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ المنطقة، ولربما العالم ككل.
أمام الحكومة ورئيسها خيارات؛ أولها، إجراء تعديل على الحكومة، يتم بموجبه إخراج الحمولة الزائدة. وإن لم يتسنَ ذلك، فمن المجدي إعادة ترتيب الأوراق وتوزيع الأدوار الحكومية بشكل مختلف، بحيث تتحمل الكفاءات الحكومية الموجودة حاليا الحمل الأكبر، وتخرج من شعور عدم الجدوى الذي يرافق بعض أعضائها.
أما الخيار الثالث، والأسوأ، فهو إبقاء الحال على ما هي عليه؛ لنكتشف بعد رحيل الحكومة أنها لم تغير شيئا. كما نكتشف بعد فوات الأوان أن الظرف الاستثنائي قابله أداء أقل من عادي، فكان أن دفع البلد ككل ثمن حالة الكسل والخمول الاقتصادي لدى البعض.
(الغد)