هي ليست بقرة " السيد " .. إنها أمنا
حمزة المحيسن
19-10-2014 02:13 PM
في ليلة "الوقفة " من كل عيد ، كانت ملابس العيد الجديدة تنام بجانبنا ونحلم فيها " بالمراجيح والبرايز والمعمول والملبس "وكل الاشياء الجميلة ، كنا نحلم وبشوق للقاء العيد بالغد ونغني في الحلم " بكرة العيد وبنعيد ونذبح بقرة السيد والسيد مالو بقرة بنذبح بنتو الشقرة والشقرة ما فيها دم بنذبح بنتو بنت العم " ، لنستيقظ باكرين مع فجر العيد وأصوات مآذن الحارة تملأ جنباتها بالتهليل والتكبير ، نلبس ما كنا نحلم فيه نتبادل التهاني والقبل ولكن هنالك وصية تختزل المشهد في كل عيد بالتحدير والوعيد من كل ام " لا توسخ وتخرب اواعيك " فقضية " التوسيخ " ترتبط بأبعاد كثيرة اهمها دوام الملابس لما بعد العيد كونها استنزفت من مصروف الاسرة ماديا الكثير ويجب المحافظة عليها لتكون مستدامة وقابلة " للتشخيص " في المناسبات الأجتماعية كالعزايم والأفراح والنشاطات المدرسية المفتوحة لذلك كان أي خرق لهذه التعليمات أو لملابس العيد يستحق عقوبة تتناسب مع حجم " التوسيخ والتخريب " لها قد يصل احيانا إلى مصادرة الالعاب و " الغلة " المكتسبة في هذا العيد السعيد .
الوحيدة الحزينة التي أعتقد إنها لا تنتظر الاعياد عندنا في ليلة " الوقفة " بلهف وشغف كما ينتظرها أطفالنا هي الطبيعة ، فقبل أيام انتهى العيد السعيد وتتبعت ما نشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي وبعض المواقع الإخبارية لأشاهد كما هائلا من الملاحظات التي تحدتث عن حجم النفايات والتلوث الذي خلفناه بأيدينا خلال هذا العيد السعيد لمواقع طبيعية خلابة جميلة من الشمال إلى الجنوب من غابات عجلون ودبين وغيرها برا والبحر الميت وخليج العقبة بحرا وهبها الله لنا " ككسوة " جميلة تفوق جمال ملابس العيد بألوانها وطبيعتها الخلابة ، ولكنها كسوة مكتوب عليها في كل عيد بل وفي كل عطلة ان تلوث وتستنزف ، كسوة جميلة استنزفت مصروفا زمنيا كبيرا يصل إلى مئات السنين لتصل لهذا الجمال الخلاب ، ففي عجلون مثلا هنالك أشجار يصل عمرها الزمني إلى قرن وكذلك بالعقبة هنالك شعاب مرجانية جميلة مغمورة بجمالها تحت الماء يصل عمرها الزمني إلى قرن من الزمان وفي هذه الاماكن أيضا عبارات ترحيبية في زوارها واخرى تحذيرية مغزاها الرئيسي " لا للتوسيخ والتخريب " ، وحاويات خاصة للنفايات ، إلا أن كل ذلك يبدو غير مجديا مع البعض الذي لا يتعامل مع هذه الترواث الطبيعية بالاهتمام بنظافتها واناقتها كما يهتم بملابس العيد ، فهل بالله عليكم هناك من يقوم بحرق ملابسه او ان يمزقها بيديه ؟ وهل هناك من يرمي نفسه بالنفايات ؟ لا أدري ما هذا الكره الشديد من هذا البعض بالتعامل مع هذه الترواث الطبيعية بهذه الصورة من العبث واللامسؤولية ،من المؤلم حقا ان يكون مكتوبا على هذه التروة الطبيعية الخلابة ان تستنزف وان يموت بعضها في كل عيد .
في كل خطبة عيد إلا ويدعو خطباء صلاة العيد المصلين السلام والمحبة وصلة الارحام بين الناس في العيد وللمبادرة في وصل من قطعنا ويا ليت خطبائنا في كل عيد أن يضيفوا لقائمة هذه النصائح والعظات الجوهرية عظة اخرى تحثنا كمواطنين ان نتعامل بمحبة ورحمة مع هذه الارحام من ثرواتنا الطبيعية لنعاملها برحمة وان لا نقطعها بالتوسيخ والتخريب ، فهي على الاقل لم تقطعنا يوما من خيرها ومن ظلها ومن الاستمتاع بجمالها فهي ليست كبقرة "السيد "وليست كالبنت "الشقرا" وليست كبنت العم إنها الوطن الام لنا جميعا فلا تعقوها وتقابلوا ثمرها وظلها الطيب الجميل بنفايات ومخلفات دخيلة على حسنها وجمالها حتى تبقى لنا جميعا ملاذ" طيبا آمنا جميلا في كل زمان وفي كل عيد سعيد .