رجلٌ في البال .. *ناهض الوشاح
18-10-2014 04:31 AM
أتبعثر في وحدتي رغما عني ... أتحاشى الجلوس في غرفتي وحدي ... أستأنس بوجود يارا الصغيرة التي قبّلتَ جبينها ذات لقاء ... زاعما بأن فيروز غنّت لها (يارا الجدايلها شُئر) ... كبرت يارا وما زلت أحب فيروز وأشتم رائحة لهفتك كلما ضممتها إلى صدري .
صخب الماضي يمضي بي نحوك ... أول اللقاء ... أول الشتاء ... أول الحب ... أول عيد للعشاق نحتفل به . أحضرت معك وردا وعطرا وكتابا خطته يداك ... أذكر عنوانه ولا أنسى اسمك الموقع أعلاه ...دفعته إليّ كي أطبعه وأُّعيده لك حتى تنشره ويكون الإهداء الأول لي وحدي ... فأنا من ألهمك العنوان ... صمتاً أسكنكِ... ونزفا أذكركَ الآن على مفترق تشرين الحزين ... تسيل كحبات مطر خجلى في مدن تعرفها ولا تعرفك كما عرفك قلبي ... وشغفي وجنوني .
لا أزال أعشق المفاجآت ... ولا أجمل من تلك اللحظة الهاربة من همهمة الصباح حين وجدتك أمام عيادتي ... كنت الزائر الأول والأخير... أمسكت المفتاح من يدي وأغلقت الباب علينا ... أشتم رائحة عطرك يتغلغل في شرايني ... يُنبئ من يمر بجانبك انك عاشق ... أو أنك ذاهب لزيارة إمرأة لا تشبهني وتحبك ... كأنني في قاعة امتحان وأنا في مملكتي ... لم أكن أعي بماذا تفكر حتى وصلت شفاهك إلى يدي ... وقمت بدور الأمير حين ينحني ويُقبّل يدي أميرته ... تهالكت على الكرسي من فرط دهشتي وأنت تُردد على مسامعي قبلاتك ونبض كلماتك . أنتِ كوطن أعشقه ويسكنني .
كنت تُحب شرب القهوة معي ... لأنني أُعدها لك على طريقتي .. وأحب سماع جملتك المعهودة ... المرأة التي تعرف كيف تصنع فنجان قهوة هي المرأة التي تأسر قلبي ... لا أعلم من وقع في الأسر ... فنجان القهوة أم الصباحات التي صارت محايدة الطعم ... لا لون ولا نكهة ... تتخلى عنا بمجرد تورطني في حلم عشناه ولم نستيقظ منه الا على طعم الفقد .
أًفتش عنك بعدما منحتني حرية الأختيار بين بقائك ورحيلي ... ولأنني تعودت على التضحية ... قررت الشفاء منك ... أنا التي أصف الدواء لمرضاي ... أُصاب بك ولا أستطيع وصف دواء لغموضك وسحرك ... لقصصك التي ذرفتها على صدري ... لماذا لا أستطيع نسيانها ونسيانك ... هل النسيان خيانة لأنفسنا ... أم أنه حالة نحتاجها كي نُخفف من وطأة ما سنعيشه وما ينتظرنا ...
هل عاشتك الحياة أم أنك تركتها مبللة بماض لا يجف من قلبك ... ترويها بطريقة الرجل الذي عاش مدينة بملايين الوجوه ... أسألك عن أهلك ... لا أفهم الأجابة لكني أبكي غُربة اغتالت منك سنوات مضت وتحاول استرجاعها.
التقيتك وليتني لم أتركك ... كما فعل أبوك الذي تزوج إمرأة غير أمك ... وأمك التي أصيبت بوعكة حزن مفرط فودعت الحياة حين استقرت رصاصة غادرة في رأس أخيك ... أسرة مُقطّعة كوطن عربي ... متشرد ... ومنفي ... قاتل ومقتول .
تُصرّ على حلمك ... أتشبث بك اكثر ... تُعانق ظلك وأعانق ساعات انتظارك ... تُحدثني عن الوطن وعن السفر ... فاحدثك عن رحيلي عنك ... أحاول مرواغتك لعل قراري يمنعك من الذهاب إلى شيء تبحث عنه ربما تجده ولن تجدني بعد ذلك ...
تذكرت عنادك أكثر من مرة ... تأخذ الأمور حرب وتحدي ... تعشق لا يَهم أن تُهزم ... لذلك تركتك لتعانق حلمك ... وتحررت من مستقبل لن يجمعنا ...
غيرتُ طريقي ... تخلصتُ من قوارير عطرك وورودك ... مزقت كتابك ... تحاشيت الجلوس وحدي ... غرقت بكل ما يُشغلني عن نفسي ... سافرت ... زرت بلادا كثيرة وبحارا كبيرة ... لكنني لا أستطيع التخلي عن ابنة أختي ... يارا كانت صغيرة حين قبّلتها وصارت كبيرة حين سألتني عن رجل كانت تراه معي دوما ... اين هو يا خالتي ... ربما هو خارج البلاد وصار عنده أولاد .
بكيت بصمت ... لماذا لا تغيب من ذاكرتي ....!!