دعوة لوقف نزيف الامة .. !!
حسين الرواشدة
17-10-2014 03:58 AM
ارجو ان لا تأخذنا عارضات الحوادث - على جسامتها ، الى فقدان الامل بوحدة الامة ، كما ارجو ان لا ننسحب وراء ما يراد لنا ان نهوي اليه من مهالك التنابذ والفرقة والاحتراب ، فلقد انتهينا قبل ايام من موسم الحج الاكبر ، حيث تجسدت فيه كل معاني الاخوة والوحدة والانسجام ، وحيث برز المسلمون ممثلين لامة لا فواصل بينها ولا خلافات في الاصول وكثير من الفروع ، وهذه وحدة عملية تؤكد مفاهيم الوحدة النظرية التي ندعو اليها ونتمناها باستمرار.
لانريد ان ندعو ابناء واتباع المذاهب الاسلامية على اختلاف تنوعاتها ومشاربها الى البحث عن القواسم المشتركة - وما اكثرها - ولا نريد ايضا ، ان نذكر بفضيلة التقريب وضرورات اللقاء والحوار ، ولكننا نتمنى على هؤلاء الحريصين على وحدة امتنا ان يتنبهوا لمسألتين: احداهما ما يخطط له العدو المشترك من ضرب لمقومات هذه الامة ، ومن افتئات على مقدساتها ومن محاولات لشرذمتها ، والاخرى ما يفعله الابناء الناجزون والوكلاء المستخدمون من وسائل لتنفيذ هذا الهدف وتحويله الى واقع ضاغط يدفعنا الى الانتقام من بعضنا بعضا ، والعودة الى مربع الاحتراب والاقتتال واستعادة التاريخ بكل ما فيه من صراعات وثارات وامراض طائفية.
لا يجوز أبداً ان “نيأس” أو ان نستسلم لتلك النتيجة البائسة، فلدى أمتنا من عوامل الصمود ما يمكنها من تجاوز هذه المحنة، وفي مقدمة هذه العوامل “الدين” الذي يشكل باعثها للتحرر والنهضة، وطعم الحرية الذي اكتشفته وجعلها أكثر اصراراً على امتلاكه، والعدو الواحد الذي يجعلها في كل مرة تستدير نحوه وتتوحد على مواجهته.
التحولات التي نتابعها في عالمنا العربي، مهما كانت قسوتها ومفاجآتها وتضحياتها، هي ضريبة ندفعها لمسايرة “عجلة” التاريخ الذي يرفض أن نظل في دائرة “الجمود” والسكون، أو أن نقبل “الموت” مقابل وهم الإحساس بالاستقرار.
نعرف تماما ان ثمة من يعمل جاهدا على توسيع الشرخ بين ابناء امتنا واتباع مذاهبها ، وندرك فداحة الثمن الذي يدفعه البعض والصبر الذي يحتملونه ، مقابل ما يفعله الاخرون لدفعهم الى الخروج عن مواقفهم وثوابت دينهم والانجرار لحروب لا يسلم من نيرانها احد.. ولكننا نتمنى على نخبنا ومؤسساتنا وعقلائنا ان يتحركوا باتجاه رتق الفتق ، ووقف النزيف ، والاخذ على يد المتهورين والطائفيين لاعادتهم الى الصواب.. ونتمنى على الجميع ان يتذكروا بان من المخجل والمعيب ان تتحول امتنا الى حروب داحس والغبراء ، وان تتهاوى قيم السماحة والعفو منها الى درك الثأر والانتقام ، وان تنسحب الى ما يريده لها اعداؤها من تفكك وضياع.. فهل من مجيب ادعوا الله معي ان نصحو على هذا الواقع المؤسف وان نتجاوز محنتنا ونستعيد عافيتنا .. آمين .. آمين
(الدستور)