بسبب سهو تشريعي .. راحت عليكم؟!
جميل النمري
17-10-2014 03:49 AM
تحدد آخر موعد لتقديم طلبات الترشح للانتخابات النيابية الفرعية في دائرة إربد الثانية، بتاريخ 29 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي؛ أي بعد أسبوعين. لكن من يرغب بالترشح وكان موظفا حكوميا، عليه أن يكون قد استقال من وظيفته قبل شهرين من ذلك التاريخ، أي منذ 29 آب (أغسطس) الماضي، أي في موعد سابق للحادثة التي بررت إجراء الانتخابات، وهي وفاة عضو مجلس النواب المرحوم الزميل العزيز محمد فؤاد خصاونة.
كيف يحدث ذلك؟ إنه، ببساطة، سهو تشريعي مرّ في جميع المراحل؛ ابتداء من المحطة الأولى عند الحكومة، مرورا بمجلسي الأعيان والنواب، من دون أن ينتبه إليه أحد. بل إن أحدا لم ينتبه في الانتخابات الفرعية السابقة التي جرت في مطلع عمر البرلمان الحالي، وذلك لسبب بسيط، هو أن أياً من المرشحين لم يكن موظفا حكوميا يحتاج إلى تقديم استقالته، فلم ينتبه أحد للخلل التشريعي. لكن الآن، يوجد اثنان من المرشحين يريدان خوض الانتخابات، إلا أن الوقت فات على تقديمهما استقالتيهما، لأنه كان يجب عليهما ذلك قبل حادثة الوفاة التي بررت الدعوة للانتخابات!
القانون وضع شرط استقالة الموظف الحكومي في سياق شروط الترشح للانتخابات العامة، التي يُعلن عنها ويبدأ التحضير لها قبل وقت كاف، ويوضح القانون تسلسلها؛ ابتداء من تسجيل الناخبين، مرورا بجميع المحطات التالية حتى الانتخابات. لكنه حين عالج هذا القانون موضوع شغور المقعد بالوفاة أو لأي سبب آخر، وحدد الموعد لإجراء الانتخابات مفترضا أن شروط الترشح هي نفسها، فإنه سها عن شرط المدد بالنسبة للموظف العام واستقالته غير القابل للتطبيق في الانتخابات الفرعية!
ما العمل إذن؟ هل نسهو عن شرط الاستقالة قبل شهرين، ونفترض أنه خاص بالانتخابات العامّة؟! لكن متى يستقيل الموظف العام في هذه الحالة، ما دام القانون يمنع المزاوجة بين النيابة والوظيفة العامّة؟ هل في أي وقت قبل تقديم ترشيحه؟ أم حال ظهور نتائج الانتخابات؟
الواقع أن أحدا لا يستطيع تحمّل مسؤولية مخالفة التشريع؛ فالنص صريح بوجوب الاستقالة قبل شهرين. وذلك يحرم فئة معينة من الترشح، بسبب خلل في القانون لا يجوز أن يحدث، لأن حق الترشح مفتوح للجميع بموجب القانون، بمن في ذلك الموظفون.
من جهتي، أرى أننا أمام مشكلة بلا مخرج! وهي نموذج فاقع على مشكلة السهو التشريعي الذي يخلق مأزقا غير قابل للحل، إلا بتعديل التشريع نفسه.
هل فات الأوان أيضا على تعديل التشريع؟ لا أجزم، مع أن الإخوة المختصين قد يكون لهم رأي آخر. لكن بافتراض جواز تعديل القانون في هذه المرحلة من سير العملية الانتخابية، فماذا نفعل ونحن في إجازة برلمانية؟ الحل الوحيد هو أن تتم دعوة فورية لمجلس الأمة للانعقاد في دورة استثنائية ثالثة، ببند واحد هو تعديل قانون الانتخاب في هذا الجانب الاجرائي. لكنْ ثمّة رأي هنا بأن هذا غير جائز؛ لأننا دخلنا في مرحلة الدورة العادية التي أجلت من 1 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي إلى 2 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل؛ أي إن البديل هو صدور إرادة ملكية بدعوة الدورة العادية للانعقاد الآن، فيدرج على جدول أعمالها، بصفة الاستعجال، تعديل القانون. وإذا لم يكن ذلك ممكنا، فهل يجوز أن نقول للراغبين في الترشح من الموظفين الحكوميين: "خلص.. راحت عليكم"؟
(الغد)