صديقي..
لنبدأ من حيث انتهى نقاشنا عند قارعة الطريق..
لا بد أن نصارح أنفسنا (أكثر فأكثر)، نعترف (لمرة واحدة، حتى ولو همساً)، فالاعتراف هو السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة.. لنعترف بأننا أناس (مسيطر) عليهم من قبل قوة تلعب من وراء (كواليس خفية)، تلك (القوة) جعلت أدنى البشر (ذوات نفوذ وثروة) لا مثيل لها على الإطلاق..
لنعترف: (ليس لدينا حقيقة من أنفسنا).. فمحور اهتمامنا (أشخاص) نخفي أنفسنا بمظهرهم وتصرفاتهم، ونعيش حالة (تقليد أعمى) لهم، وننسى ذواتنا ومن هم أحق بان يكونوا (قدوة) لنا..
صديقي..
سألملم أفكاري من ذاك الحديث النبوي الشريف، حين قال سيد ولد آدم (محمد عليه السلام)، قبل أن يغادر إلى عالم الحقيقة: (لن تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس في الدنيا–لُكع ابن لُكع)..
نعم، (لُكع ابن لُكع).. ذاك التعبير العربي القديم الدال على شخص ليس له قيمة تذكر أو فائدة ترجى في الحياة، لا أصل ولا نسب له، تعبير يقال عن شخص يتخبط في بقايا بعضه..
في (لُكع ابن لُكع) تكمن حكاية الحياة التي نعيشها.. وسائل إعلام بشتى أنواعها تعرض لنا على مدار الساعة أخبار (مشاهير) أبسط ما يقال عنهم انهم (أدنى البشر)، باتوا يتصدرون العناوين اليومية، وتفاصيل حياتهم أصبحت (محور الاهتمام) عندنا.. مغنيون، سينمائيون، رياضيون (كل واحد منهم هو نسخة عن ابن لُكع).. جميعهم أصبحوا (قدوة لجيل كامل مدمر داخلياً)، جيل يعيش بلا بوصلة حياتية، يتخبط في التقليد، يفقد كل يوم من حياته (الاتزان) أكثر، جراء (التشبه اللامحدود بالغير)، الغير البعيد عن العلم والثقافة.. جيل، ليس لديه حقيقة من ذاته وكيانه..
صديقي..
لست ضد أن يعجب أحد بممثل أو رياضي أو مغنٍ.. أنا (بكل بساطة) ضد أن يكون هؤلاء محور اهتمامنا، وتطلعاتنا، أن يكونوا الشيء المقدس عندنا.. أرفض ان يكون هؤلاء قدوة، والسير على منهاج حياتهم (غاية ترجى).. أرفض أن أتبع خطواتهم.. أرفض التقليد..
أرفض أن يكون حديث العامة والخاصة طيلة أكثر من شهر عن زواج (جورج كلوني وأمل علم الدين).. أرفض أن تكون حياة (تشارليز ثيرون) قدوة لاية فتاة شرقية تؤمن بشرقيتها وانوثتها.. أرفض أن يكون سلوك اي شاب مسلم مقترناً بسلوك مشاهير الغناء والفن والرياضة في الغرب والشرق..
صديقي الحبيب..
لست أهذي.. تعال نسقط (ابن لُكع) على عالم اليوم.. صدقني، انه التطابق، كم أخاف من التطابق، مصيبة إن كان.. نحن بعيدون كل البعد عن الله والحقيقة.. لا.. أرجع واوهم نفسي بان (ابن لكع) ليس أسعد الناس بعد.. مع انه يضحك كثيراً هذه الأيام..
تبقى فكرة الحديث..
صديقي: أتعرف ما يوجع القلب؟ إننا في الداخل مختلفون، وظاهرنا سيئ..
صديقي.. لا أريد أن يكون (ابن لُكع) أسعد البشر، بل لا أريده في الحياة..
صديقي.. (الناس نيام، إذا ما ماتوا انتبهوا)، هكذا قال علي ابن أبي طالب..
"الراي"