أين امانة عمان الكبرى ،،،،وكوالالمبور ؟!
د. بلال السكارنه العبادي
15-10-2014 03:31 AM
إن الزائر لمدينة كوالالمبور يصاب بالانبهار والاعجاب لما وصلت اليه هذه المدينة الساحرة من جمال الطبيعة والتنظيم في المرافق العامة والساحات والطرقات ووسائل التنقل المختلفة ، والمحافظة على نظافة هذه المدينة التي تشكل جزء من دولة ماليزيا وتستحق ان تكون عاصمة لها، ، ورايت فيها ما فاق التصورات والتوقعات من حداثة وتطور ونموذج للدولة والمدينة الحديثة ، وكأنك في دوله اوروبيه وليس احدى دول العالم الثالث ، وتمنيت ان تكون عمان العاصمة الحبيبة بمثل ذلك التطور المذهل الجميل ، ولذا تظن نفسك احياناً وانت ترى كافة هذه المشاهد الرائعه من دفء المكان وروعته والابراج الشاهقه بانك في كوكب آخر .
ولا اتصور ان هذا التطور جاء من فراغ ، فالعزيمة والارادة والاخلاص والتفاني في العمل تشكل احد الاستراتيجيات الحديثة في البناء والتطوير واقامة المدن الحديثة والرائعه والجاذبه لاهلها وزوارها لتصبح رافداً من روافد الاقتصاد في ماليزيا.
وما اثار انتباهي ان هنالك ممرات معلقة ما بين الاحياء والمناطق يتم الاستعانة بها من قبل المشاة وتكون على عدة كيلو مترات ومزودة بالتكييف والانارة وكميرات المراقبة والشواخص الدالة على الاماكن ، وذلك للتخفيف على المارة التجول بداخلها بسهولة تحاشياً للامطار الموسمية المستمرة وتقليلاً من ارتفاع درجة الحرارة .
تجد هنالك شبكات الطرق الواسعة فلا ازمات سير تذكر ولا حوادث على الطرقات ولا اشغال واعمال واغلاقات مستمرة للشوارع ولا حفر ولا مطبات ، تجد الامتداد الرائع والتحرك الانسيابي السلس والمتناسق للقطار السريع ( المترو) ما بين كافة احياء كوالالمبور ، وجميع المواطنين يستخدمون هذه الوسيلة بمنتهى الدقة والاناقة ، فأمنيت النفس لو كانت لدينا مثلها تجوب في شوارع عمان تحمل ابناؤها تخفف من حركة سياراتها العشوائية ، فاصبحت السيارات اكثر من البشر والازمات تحاكي بعضها ما بين التقاطعات وحتى الانفاق والجسور وعلى كافة امتدادات شوراع عمان الحبيبه ، وترى ايضاً في كوالالمبور روعة تنظيم وسائط النقل من الباصات وآلية حركتها وجمعيها مبرمجة بارقام محددة وواضحة وليست باسماء جبال واحياء عشوائية كما في بلدنا وحتى حركة سيارات التكسي والقطارات التي تتحرك بانسيابية في داخل المدينه دون استخدام يذكر للزوامير وتشحيط للبريكات وغيرها من الظواهر السلبيه لدينا .
وترى كذلك نظافة الشوراع والتي تعتبر كوالالمبور من انظف المدن في العالم ، حتى استفسرت عن كيفية بقاءها نظيفة بالرغم من انها منطقة استوائية ودوما تتساقط بها الامطار ، والتي يتم تنظيفها اول باول ولا يتم تراكم الامطار ويتم تصريف مياهها بسهولة ، وكانت من اجمل الاشياء التي رايتها فيها فلا اعقاب سجائر ولا اوراق ولا قمامة تتطاير هنا او هناك ولا قطط تتجمع على الحاويات او كلاب تنبح اثناء ساعات الليل لايقاظ الاطفال .
وما يزيد المدينه اناقةً وتحضر انك لا تشاهد المتسولين على الاشارات الضوئية ولا على جنبات الطرق وجميع المواطنين يتحركون بشكل رائع وانتظام في استخدامهم للمرافق العامه والمتنزهات المزروعة بالورود والاشجار ، وما يزيد احترامك لاهل هذه المنطقة عندما تستفسر منهم عن شارع او مكان معين يساعدك ويرشدك بمنتهى اللطف .
وانني اتمنى ان تصبح عمان عاصمتنا الحبيبة كوالالمبور العرب وكيف لنا ان نكون كذلك هل بتغيير جزء كبير من ثقافتنا في التعامل مع الاشياء المحيطة بنا ام بتغيير نمطية تفكيرنا وكيفية تحقيق الالتزام الايجابي نحو مؤسساتنا ، والجدية في العمل واحترام الذات والآخرين والامانه والاخلاص واهمية الوقت وغيرها من الاشياء التي تساعد على تغيير الكثير من الظواهر والمظاهر السلبية في حياتنا وسلوكنا اليومي وكيفية تحقيق التخطيط السليم في بناء المدن الحديثة المنسجمة مع التطور الحديث ومع هذه الالفيه التي اصبح فيه العالم يذهب نحو العالمية في كثير من نواحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .